2017-08-22
تترقب عائلة شماسنة المقيمة في حي الشيخ جراح في مدنية القدس المحتلة، تنفيذ قرار محكمة الاحتلال القاضي بإخلاء العائلة من مسكنها لصالح جمعية استيطانية يهودية، وذلك بدعوى أن المسكن يعود لعائلة يهودية، وتعتبر الجمعيات الصهيونية التي تنشط في مجال الاستيطان حي الشيخ جراح بأنه "أملاك يهودية"، حيث أنه على مدار السنوات الأخيرة قد تم إخلاء عدة عائلات من مساكنها من خلال أوامر قضائية لصالح جمعيات استيطانية، كعائلة الغاوي وحنون والكرد، وغيرهم من العائلات التي تهددها خطر الاستيلاء على مساكنهم.
ويعيش في المسكن المُسن أيوب محمد شماسنة وزوجته فهمية شماسنة، وابنهم محمد أيوب شماسنة وزوجته وأبنائه الأربعة بلال 25 عام، بيسان 22 عام، أسيل 19 عام، ونزار 15 عام.
وفي لقاء مع عائلة شماسنة في مسكنها المهدد بالاستيلاء عليه في حي الشيخ جراح، تحدث المواطن محمد أيوب محمد شماسنة لباحث مركز أبحاث الأراضي عن تسلسل أحداث القضية:
نحن عائلة شماسنة، يعود أصل العائلة إلى قرية قطنة الواقعة شمال غرب مدينة القدس، حيث قدم والدي إلى القدس عام 1964، وقام باستئجار هذا المسكن والذي كان عبارة عن غرفة واحدة وحمام خارجي، وكان المسؤول عن إيجار المسكن حينها "حارس أملاك العدو"، لكن لم يستأجر والدي المسكن من حارس أملاك العدو، بل قام باستئجاره من المستأجر نفسه بشكل مباشر، ويدعى " زايد وهدان"، وهذا الأمر تسبب لنا في مشكلة فيما بعد،حيث أننا لا نملك إثباتات إستئجار من حارس أملاك العدو، وكان والدي يقوم بدفع الإيجار إلى "زايد وهدان" منذ العام 1964 ولغاية قبل حرب عام 1967 بفترة قصيرة .
وخلال هذه الفترة جرى خلاف بين والدي وبين زايد وهدان، حيث قام والدي برفع قضية عليه ليطالبه بالأوراق الثبوتية من استئجار المسكن. وقد حكمت المحكمة لصالح والدي بأن يتم تجديد إيجار المسكن باسمه، كونه لا يستطيع المستأجر أن يقوم بتأجير المسكن لغيره، وكان من المفروض أن يتم تسجيل الإثباتات بالبيانات الجديد لحارس أملاك العدو خلال 4 ايام من تاريخ صدور الحكم، إلا أنه ولسوء الحظ فقد إندلعت حرب عام 1967 والتي على أثرها قامت إسرائيل باحتلال المدينة قبل أن يتم تسجيل الأوراق باسم والدي.
وبعد احتلال القدس اختلف كل شيء، حيث لم يكن والدي يدري ماذا سيفعل، كما أن الأوراق التي صدرت عن المحكمة حينها والتي كانت تحمل قرار نقل البيانات الثبوتية لاسم والدي قد احترقت في الحرب بعد أن تعرضت الغرفة (المسكن) إلى قنبلة خلال حرب 1967.
حارس أملاك الغائبين :
بعد انتهاء الحرب، تم نقل هذه الأملاك من حارس أملاك العدو إلى حارس أملاك الغائبين التابع لدولة الاحتلال، وبعد 5 سنوات أي عام 1972م، أقر الكنيست قانون "القدس الموحدة"، وعلى اثر ذلك قام حارس أملاك الغائبين بالتوجه إلى المقيمين في أملاك الغائبين يطالبهم بإعداد عقود إيجار بينه وبينهم من أجل تنظيم دفع إيجارات إستخدام العقارات. وهذا الأمر أدى إلى إضعاف موقفنا كوننا لا نملك إثباتات من زمن الأردن، وكان أقدم شيء نملكه لنقدمه للإثبات هو فواتير الكهرباء منذ عام 1969، لكن من أجل أن نثبت أننا ضمن الحماية (محميين) يجب أن تكون الإثباتات قبل عام 1968، ولذلك فإن العقود التي تمت بيننا وبين حارس أملاك العدو هي عقود (غير محمية) ولو أننا كنا نملك الأوراق الثبوتية لكنا وضعنا حالياً مختلف، ولا يحق قانونياً أن يتم إخلاءنا من المسكن، لذلك فإن الذين يتم مطالبتهم بإخلاء مساكنهم في الحي هم من المستأجرين غير المحميين. لكننا كنا ومنذ العام 1972 نمتلك عقود إيجار من حارس أملاك الغائبين، وكنا ندفع عن كل شهر مبلغ (215 شيقل) . وفي عام 1997 قمت ببناء غرفة إضافية للمسكن وانتقلت للعيش فيها مع زوجتي، حيث كنت أعيش في قطنة، وبذلك أصبحت مساحة المسكن 65م2 ، مكون من غرفتين ومطبخ وحمام.
رفض تجديد عقد الإيجار:
في عام 2009، توجهت مع والدي إلى حارس أملاك الغائبين لتجديد العقد السنوي، لكن فوجئنا برفض تجديد العقد بحجة أن البيت قد تم تحريره من قبل حارس أملاك الغائبين إلى عائلة يهودية (عائلة حاييم بن سلماني) – عائلة يمنية – وذلك بدعوى ملكية العائلة له. كما أن حارس أملاك الغائبين لا يمكنه الاستمرار بتأجير المسكن وتجديد العقد في حال عودة الغائب - صاحب المسكن- وفي هذه الحال يجب أن نتوجه إلى مُدعي الملكية لتجديد العقد معه في حال قبل هو بذلك. تبين أن هذا المدعي (حاييم بن سلماني) متوفى، لكن له خمسة يدعون أنهم ورثته، توجهنا حينها إلى محامي الورثة ( يدعى يتسحاق مينا) من أجل أن نطلب منه تجديد العقد مع الورثة، لكن المحامي قال بأن الورثة يرفضون تجديد العقد، وأنهم سيعملون على مطالبتنا بإخلاء المسكن.
دعاوى قضائية:
قام الورثة برفع قضية إخلاء بحقنا، وكان ذلك في عام 2009 في محكمة الصلح الإسرائيلية، وقمنا بتوكيل المحامي مهند جبارة لمتابعة الملف، وفي شهر تشرين أول عام 2011 أصدرت محكمة الصلح قرارها في القضية، حيث حكمت بإخلائنا من المسكن لصالح الورثة الذين كانوا يتواجدوا في جميع جلسات المحكمة. بعدها تقدمنا بطلب استئناف لدى المحكمة المركزية على قرار محكمة الصلح، لكن قامت بتثبيت قرار محكمة الصلح الإسرائيلية وكان ذلك في العام 2012.
أرييه كينغ (عراب الاستيطان ):
كان هنالك أمل آخر في المحكمة العليا الإسرائيلية حيث الاستئناف الأخير، وكان ذلك في العام 2013، لكن في المحكمة لم يحضر الورثة الخمسة الذين كانوا يتواجدون في كل جلسات المحاكم السابقة، بل ان الذي حضر هو "أرييه كينغ" وهو معروف بأنه عراب الاستيطان في المدينة المحتلة، وقد تبين لاحقاً بأنه قد اشترى المسكن من الورثة، وأعلن القضاة خلال جلسة المحكمة بأنها ستصدر قرارها لاحقاً وستقوم بإعلام المحاميين عن قرارها، وبعد حوالي الشهر، أصدرت المحكمة قرارها الذي يقضي بإخلائنا من المسكن بمهلة لا تزيد عن سنة ونصف، وعلى الرغم من إنقضاء الفترة البالغة عام ونصف لنقوم بإخلاء المسكن لم يحدث أي شيء، لكن في شهر آذار 2017 حصلنا على مكتوب أمر من دائرة الإجراء يقضي بإخلائنا للمسكن خلال 30 يوم، توجهنا حينها إلى محامي جديد وهو "سعيد غالية" حيث أفاد بأن هنالك مكتوب آخر يجب على دائرة الإجراء إرساله لتحدد فيه اليوم والتاريخ والساعة التي ستطالبنا فيه بإخلاء المسكن.
وفي تاريخ 6 تموز 2017 تسلمنا مكتوب من دائرة الإجراء يطالبنا بإخلاء المسكن في 9 آب 2017 يوم الأربعاء عند الساعة 08:00 صباحاً، لكن المحامي استطاع تمديد أمر الإخلاء إلى خمسة أيام إضافية وذلك من أجل التوجه إلى محكمة الصلح الإسرائيلية بحجة أن القرار لم يوضح مكان المسكن من حيث رقم الحوض والقطعة التي يقع عليها المسكن . وقد حددت محكمة الصلح جلسة في يوم الخميس 17 آب 2017 عند الساعة 13:00 ظهراً من أجل النظر في الطلب المقدم للمحكمة .
وما زالت الأسرة في المسكن لم يتم إجلاؤها بعد - وتستصرخ المؤسسات الحقوقية التدخل للحفاظ على المأوى الوحيد المتاح لهم بالقدس.
صور لمسكن عائلة شماسنة المهدد بالاخلاء:
هذه الحالة جزء من أنشطة مشروع كنعان