2022-02-20
مدخل حوش النيرسات في البلدة القديمة من القدس
يتهدد منازل عائلات السلايمة وعابدين والرشق وسليمي وزاهدة وأبو عصب ووزوز، التي تأوي نحو مئة مقدسي، خطر انهيار بيتهم في أية لحظة، وذلك من خلال ما يلاحظه سكان الحوش من تشققات وتصدعات خطيرة في جدران وأرضيات الأبنية، الغرف، الحمامات، الأرضيات، الأدراج الموصلة لهذه للبيوت.
هذا الحال وصفته المواطنة نشأت السلايمة (ام نضال) إحدى ربات المنازل في الحوش، وقد تحدثت حول الأسباب الكامنة وراء ما يحدث من تصدعات وتشققات خطيرة قد تسبب مستقبلاً في انهيار الأبنية إما على أصحابها، أو أن يضطر الساكنين الى هجرها بسبب الوضع القائم.
وتقول المواطنة أم نضال لباحث مركز أبحاث الأراضي:
(( إن بلدية الاحتلال وطواقمها وطواقم شركة جيحون[1] (للمياه) قد اقدمت قبل حوالي عامين وشهرين (2019) على الحفر عميقاً تحت الأبنية في حوش النيرسات بهدف مد شبكة أنابيب مياه والتي تمر تحت الحوش، وما ان انتهى المشروع وما إن انتهت عمليات الحفر، حتى بدأ سكان الحوش بملاحظة العديد من التشققات في غرف نومهم ومطابخهم وجدران الأبنية، هذا، بالاضافة الى حدوث انفجار كبير لأنابيب المياه في ساحة الحوش، مما تسبب في مفاقمة المشكلة لسكان الحوش، ومما زاد في حجم المعاناة لهم وخوفهم وذلك لأن التشققات قد زادت وتزيد كل يوم بشكل كبير)).
جدير بالذكر بأن هذه التشققات قد لحقت بالأذى بمساكن المواطنين ومحلاتهم ومنشآتهم بشكل خطير، ومن أبرز ما تسببت به تلك الحفريات وهي:
مشاكل في ساحة البيت بسبب الحفريات تؤدي الى وصول مياه الأمطار الى الغرف - حوش النيرسات
الأبواب لا تفتح ولا تغلق بسهولة
بعد شكاوى المواطنين حضرت طواقم بلدية الاحتلال برفقة طاقم من شركة "جيحون" فيما بعد لمعاينة المشكلة والضرر الا انهم لم يعطوا حلولاً جوهرية لما يحدث، وقامت البدية فقط بوضع دعامات حديدية داخل الممرات المؤدية للحوش، في الادراج، بين الجدران وفي اسقف الغرف، ومنذ ذلك الحين لا تقدم البلدية على إيجاد اي حل جذري للمشكلة، وتقوم البلدية بتحميل المسوؤلية لشركة "جيحون" الإسرائيلية، وتقوم شركة "جيحون" أيضاً بتحميل البلدية المشكلة.
وذكرت أم نضال أن البلدية قدمت لهم أحد الحلول لسكان الحوش والمتمثل بأن البلدية بإستطاعتها نقل السكان الى بيوت أخرى خارج الحوش والبلدة، ودفع مستلزمات الايجار، والمساعدة في نقل اثاث البيوت ودفع الاموال المترتبة على ذلك، الا ان سكان الحوش رفضوا هذا الحل بشكل جذري ومطلق، وقد عبّرت ام نضال عن ذلك عندما قالت:
(بدهم يرحلونا بحجة التصليح، ونحن نعرف ان هناك عمليات تسريب محتملة، ولكن احنا من 70 سنة وأكثر نسكن هذا الحوش وهو جزء منا واحنا جزء منه، لن نغادر ولن نقبل وسنبقى في بيوتنا حتى لو انهارت علينا وعلى أهلنا وأبنائنا !!).
مسكن أم نضال السلايمة نموذجاً لكل مساكن حي النيرسات:
تسكن المواطنة أم نضال وزوجها السيد تيسير وابنتهما في بيت بمساحة 55 متر مربع في الحوش، ويتكون بيتها من غرفتين ومطبخ وحمام وساحة صغيرة، ودرج يؤدي الى البيت من جهة الحوش، وبيتها ملاصق لبيوت الجيران من كل العائلات في الحوش.
لاحظ الباحث الميداني في مركز أبحاث الأراضي وجود تشققات عميقة في كافة جدران البيت، ودعامات حديدية تحمل أسقف البيت وتمتد على الأرضيات مما يعيق الحركة ويشكل جزءً من المشكلة ايضاً، وتمتد التشققات والتصدعات في الحمام حيث يلاحظ خلع بلاط الحمام في الجدران العمودية وفي الارضيات، بالاضافة الى ذلك فإن مناسيب ارضيات البيت قد تباينت مما شكل خلل معماري من نواحي مناسيب المياه في الشتاء بالتحديد، وعدم القدرة على اغلاق ابواب الغرف. هذا بالاضافة الى ضيق الدرج المؤدي الى ساحة البيت، حيث الدعامات الحديدية التي تتكدس في المدخل.
تشققات عميقة في داخل حمام عائلة السلايمة | |
الدعامات التي وضعتها بلدية الاحتلال داخل مسكن عائلة السلايمة وهي تشكر خطراً على العائلة | الدعامات الحديدية على مدخل مسكن عائلة السلايمة أدت الى تضييق الدرج |
تعاني جميع العائلات الموجودة في الحوش من نفس الخطر وبنفس الدرجة من التحديات الصعبة سواء في عدم الراحة في السكن، أو المشاكل الإنشائية التي شكلتها التشققات والتصدعات أو إخطارات متعلقة بتهديد الانهيار في أي لحظة، او التخلي عن البيت بفعل ضغط البلدية وعدم اكتراثها لما يعانيه السكان.
تعيش عائلات: السلايمة وعابدين والرشق وسليمي وزاهدة وأبو عصب ووزوز، التي تأوي نحو مئة مقدسي أي حوالي 22 عائلة في حوالي عشرين بيت، في هذه المعاناة منذ أكثر من عامين، وقد اضطر بعضهم الى المغادرة إثر الخوف والضغط النفسي، الا ان معظم من يغادر يعود بعدة فترة قصيرة خوفا ًعلى أملاكه وحرصاً على البقاء في الحوش مع جيرانه واقاربه.
حوش النيرسات:
يقع حوش النيرسات أو أصلاً حوش النشاشيبي في حارة باب السلسلة على بعد حوالي 50 مترا من باب السلسلة، أحد أبواب البلدة القديمة الداخلية التي تؤدي الى المسجد الأقصى المبارك، وتعد حارة باب السلسلة من أقدم حارات البلدة القديمة والتي تعود للفترة المملوكية في المدينة، حيث أن حوش النيرسات هو أحد العناصر المعمارية الكثيرة في هذه الحارة، فحوش النيرسات الذي كان يعرف قديماً بحوش النشاشيبي نسبة لعائلة النشاشيبي التي كانت تسكنه، وقد تغير اسمه في ما بعد في فترة الانتداب البريطاني ولكثرة الثورات حينها اتخذت مجموعة من الممرضات من هذا الحي مقرا لهن لعلاج الجرحى والمرضى، وقيل أيضاً إن أول قابلة قانونية في القدس خرجت من هذا الحي فأطلق عليه اسم حوش النيرسات (اي الممرضات).
[1] شركة جيحون: هي شركة مياه وصرف صحي إسرائيلية، تتخذ من نبع جيحون التوراتي اسما لها كرمزية على التاريخ التوراتي لليهود في فلسطين بنظرة صهيونية، وتشرف وتنفذ هذه الشركة اعمال ومشاريع مد انابيب مياه في كافة انحاء القدس، وتعمل جنبا الى جنب مع بلدية القدس وغيرها من الشركات الإسرائيلية والتي تقدم أفضل الخدمة لمستوطني القدس، وتظلم سكان القدس الفلسطينيين كحال البلدية تماماً إن لم تكن جزءً منها.