2022-02-15

مقبر اليوسفية في دائرة الاستهداف الإسرائيلي – باب الأسباط / القدس المحتلة

         لا يقتصر استهداف بلدية الاحتلال في القدس وسلطة الطبيعة الإسرائيلية على المساكن والمباني المقدسية من عمليات تهديد وهدم مستمر فحسب،  بل أيضاً يتعدى ذلك ... فالمقابر الفلسطينية في المدينة، كمقبرة مأمن الله، المقبرة اليوسفية، وغيرها من المقابر التاريخية المنتشرة في القدس ومحيطها تتعرض لاعتداءات متواصلة من قبل الاحتلال، ففي هذا السياق تعاني مقبرة اليوسفية منذ فترة زمنية من انتهاكات  كثيرة من قبل بلدية وقوات الاحتلال في القدس، كغيرها من المقابر الإسلامية في المدينة، فمقبرة اليوسفية تُدنس في بعض الأحيان من قبل المستعمرين اليهود الذين يقتحمونها ويكتبون عبارات ضد العرب، ويخربون معالم القبور فيها، إضافة الى تقييد عمليات الدفن فيها.

 فقد تم بناء جدار الى الشمال من المقبرة والذي يحد عملية التوسع الطبيعية لها، ويمنع المقدسيين من بناء مقابر جديدة لأمواتهم، ففي الشمال، هناك قطعة أرض ملاصقة تماماً للمقبرة وجزء منها بمساحة حوالي 4 دونم تعرف بأرض "المظفر"، لا يسمح أبداً للمقدسيين بناء القبور فيها، وتحوي هذه القطعة 3 أو 4 مقابر فقط، والتي هوجمت وحاولت البلدية ازالتها، الا أن أهل المتوفين قد وقفوا بشكل صلب أمام هذه المحاولات. وذلك كما حدث في عام 2014 حيث قام الاحتلال بمنع الدفن في جزئها الشمالي وإزالة عشرين قبراً تعود إلى جنود أردنيين استشهدوا عام 1967 فيما يعرف بمقبرة الشهداء ونصب الجندي المجهول.

اما في هذه الأيام، بالاضافة الى وجود جماعات يهودية بشكل دائم في المكان، فإن البدلية تعمد الى إغلاق طريق المقبرة في وجه المقدسيين، واجراء حفريات عميقة تصل في بعض الاحيان الى مستويات أثرية عميقة قريبة من أساسات باب الأسباط وتقوم جرافات البلدية أيضاً بهدم الأسوار المحيطة بالمقبرة الملاصقة لباب الأسباط وإزالة بعض معالمها التاريخية، وذلك بحجج واهية القصد منها التضييق على سكان المدينة ومحاصرة نشاطاتهم الطبيعية.

بالاضافة لذلك، تقوم البلدية بشكل مستمر في تجريف المقابر وتغيير معالم المقبرة بهدف طمسها كما حدث في عام 2021، اذ قامت البلدية بهماجمة المكان واجرت اعمال تخريبية من هدم جدران ونبش القبور القديمة الحديثة الى السواء، وهدم بعضها. كل هذه العمليات التخريبية، تهدف الى تهويد المقبرة وتحويلها الى مشروع كبير يسمى بالحديقة التوراتية.

تجدر الاشارة هنا الى ان مقبرة اليوسفية او باب الاسباط تقع الى الشرق من اسوار مدينة القدس، وتسمى بمقبرة اليوسفية او مقبرة باب الاسباط نسباً الى وجودها بجانب باب الاسباط والى الشمال منه، بحجم حوالي 25 دونم، وتمتد على قطعة ارض مخروطية الشكل، ففي الجنوب بمحاذاة مقبرة باب الرحمة، تتسع المقبرة الى حوالي 150 مترا من الغرب الى الشرق، وتتقلص المسافة بإتجاه الشمال، ويعبر طريق على طولها من الشمال الى الجنوب بعرض 4 أمتار تقريباً. يحيطها جدار المدينة من الغرب، ومقبرة باب الرحمة من الجنوب، والشارع العام الواصل لبلدة أبو ديس من الشرق ومقطع قصير من الطريق من الشمال. تحتوي المقبرة على العديد من مقابر العائلات المقدسية، فيمتد تاريخها من الفترة الايوبية الى يومنا هذا، إذ يرجح تسميتها باليوسفية الى صلاح الدين الايوبي فاتح القدس (يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدُويني التكريتي) فهي تضم عدد من مقابر رفات الشهداء والعلماء والمجاهدين والصالحين من مختلف الفترات الإسلامية، هذا وينتشر في المقبرة نوع المقابر الجماعية، التي تتسع للعديد من أفراد العائلة الواحدة، وتضم المقبرة عددًا من المعالم، ومنها النصب التذكاري لشهداء حرب 1967 في شمالها، ونصب تذكاري لشهداء مذبحة الأقصى الأولى عام 1990. وعدد كبير من من مقابر العائلة المقدسية في وقتنا الحاضر.



المقابر والقانون الدولي:

القاعدة 115. التعامل مع جثث الموت

القاعدة 115: تُعامل جثث الموتى بطريقة تتسم بالاحترام، وتُحترم قبورهم وتُصان بشكل ملائم.


ملخّص

تكرّس ممارسة الدول هذه القاعدة كإحدى قواعد القانون الدولي العرفي المنطبقة في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، تم تقنين واجب معاملة جثث الموتى بطريقة تتسم بالاحترام، للمرة الأولى، في اتفاقية جنيف للعام 1929.[1]

ويرد هذا الواجب الآن بشكل مفصّل في اتفاقيات جنيف للعام 1949.[2] وينصّ الكثير من كتيّبات الدليل العسكري على وجوب معاملة جثث الموتى بطريقة تتسم بالاحترام.[3] ويرد هذا الواجب في تشريعات معظم الدول، إن لم يكن جميعها.[4] وقد أيّدته المحكمة العليا في إسرائيل في العام 2002 في قضيّة جنين (رفات الموتى).[5] وتشترط أحكام المعاهدات المذكورة أعلاه أيضاً احترام القبور وصيانتها. ويضيف البروتوكول الإضافي الأول أنّ على الأطراف التوصل إلى اتفاقات لحماية المقابر والمحافظة عليها بشكل دائم.[6] كما ينصّ العديد من كتيّبات الدليل العسكري على وجوب حماية المقابر وصيانتها.[7]

ينصّ البروتوكول الإضافي الثاني على واجب معاملة جثث الموتى بطريقة تتسم بالاحترام في النزاعات المسلحة غير الدولية.[8] وبالإضافة إلى ذلك، ترد هذه القاعدة في صكوك أخرى تتعلّق أيضاً بالنزاعات المسلحة غير الدولية.[9] كما ينصّ عدد من كتيّبات الدليل العسكري المنطبقة، أو التي جرى تطبيقها، في النزاعات المسلحة غير الدولية على وجوب معاملة جثث الموتى باحترام..[10] كما تطلب تشريعات معظم الدول، إن لم يكن جميعها، احترام هذه القاعدة.[11]

ويمكن القول إنّ هذه القاعدة تعكس مبدأ عاماُ في القانون يقضي باحترام الموتى وقبورهم

ولم يُعثر على أية ممارسة رسمية مناقضة تتعلّق بالنزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية. وقد أدان المقرر الخاص للأمم المتحدة بشأن الإعدامات التي تتعارض مع الإجراءات القانونية، أو التي تُنفَذ دون محاكمة، أو التعسفية، حادثة موثقة بشأن معاملة غير محترمة لجثث مدنيين في بابوا غينيا الجديدة..[12]

كما أنّ من المرجّح أن تتضمّن تشريعات محلية قواعد مفصّلة إضافية تدعم ضرورة معاملة جثث الموتى باحترام، واحترام قبورهم وصيانتها بشكل ملائم.

كما تنصّ اتفاقيات جنيف على وجوب دفن الموتى، إذا أمكن، وفقاً لطقوس الديانة التي ينتمون إليها، ولا يجوز إحراق جثثهم إلاّ في ظروف استثنائية، منها أسباب صحية قهرية، أو طبقاً لديانة المتوفى، أو وفقاً لرغبة المتوفى الواضحة..[13]

وبالإضافة إلى ذلك، تطلب اتفاقيات جنيف، من حيث المبدأ، دفن الموتى في قبور فردية. ولا يجوز دفن الموتى في قبور جماعية إلاّ في حال لم تسمح الظروف بدفنهم في مقابر فردية، أو في حال دفن أسرى حرب أو معتقلين مدنيين في ظروف تحتّم استخدام مقابر جماعية..[14] وأخيراً، تطلب اتفاقيات جنيف جمع القبور وفقاً لجنسية الموتى، إذا أمكن.[15]

كما ترد هذه المطالب أيضاً في العديد من كتيّبات الدليل العسكري.[16] ومن المرجّح أن تطبّق بعض هذه المطالب أيضاً في النزاعات المسلحة غير الدولية وفقاً للقانون الوطني. وفي العام 1995، على سبيل المثال، أقرّ مجلس الدولة الكولومبي وجوب دفن الموتى في مقابر فردية، وفقاً لكافة متطلبات القانون، وليس في مقابر جماعية..[17]

المصدر:

https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/ara/docs/v1_rul_rule115