2022-03-13
منذ سنوات طويلة تعدت الثلاثين عاماً وعائلة سالم في حي الشيخ جراح تعاني من خطر التهجير والترحيل من بيتها، وذلك بسبب بلدية الاحتلال التي تدعي بشكل ظالم ملكية الأرض والبيت الذي تسكنه العائلة منذ ما يزيد على 70 عاماً. إن هذا التاريخ بحد ذاته يشهد على أصالة العائلة وحقها التاريخي والطبيعي في الوجود في تلك البقعة الفلسطينية الخالصة.
بدأت المعركة في ثمانينات القرن العشرين، حين تلقت العائلة أوامر من البلدية بضرورة إخلاء البيت القائم في الطرف الغربي من حي الشيخ جراح المعروف بـ (أرض النقاع) حوالي 1كم متر الى الشمال من أسوار المدينة القديمة، ففي العام 1987 كانت المرة الأولى التي تخطر فيها بلدية الاحتلال العائلة بإخلاء المنزل، مما أدى إلى إصابة زوج السيدة فاطمة سالم بأزمة قلبية كانت نتيجتها الوفاة في الأعوام التالية، ومن المعلوم أن أمر الإخلاء في ذلك الوقت قد ُجمد.
أعادت البلدية إخطار العائلة مرات أخرى من ضمنها في عام 2012، إذ عاد المستوطنون للحي وهددوا عائلة سالم وأخطروهم بوجوب إخلاء المنزل وقطعة الأرض أمامه، وذلك في محاولة لتنفيذ قرارات إتخذت في عام 1987، إلا أن المحكمة قد جمدت الأمر أيضاً في عام 2012. عادت المجموعات الاستيطانية في العام 2015 مرة أخرى لإخطار العائلة بوجوب الرحيل فوراً من المكان، وعلى إثر إعتراض العائلة على تلك القرارات الظالمة، فقد جمدت المحكمة أوامر الإخلاء مرة أخرى. في ما بعد، وفي شهر كانون الأول من عام 2021، صدرت أوامر من قبل بلدية ومحكمة الاحتلال تجبر العائلة على إخلاء البيت وقطعة الأرض خلال 3 شهور من تاريخية، وعلى إثره قامت مجموعات من المستوطنين باقتحام المنطقة بشكل يومي، ووضع الحواجز، وخيم عبارة عن مكتب لعضو الكنيست الإسرائيلي" إتمار بن غفير"، برفقة عضو بلدية القدس "أريه كينج"، وعدد من قادة مجموعات المستوطنين المتطرفين في القدس بحجة ملكية الأرض للمستوطن المتطرف "يونتان يوسف" حفيد الحاخام الصهيوني المتطرف "عوفاديا يوسف".
حاولت مجموعات المستوطنين بقيادة المتطرف "بن غفير" استفزاز أهالي حي الشيخ جراح وكل المتضامنين الذي هرعوا لنجدة ومأزرة عائلة سالم، حاولت تلك المجموعات السيطرة على الأرض ووضع مكتب للمتطرف "بن غفير"، وقامت تلك المجموعات بالإعتداء على أفراد العائلة، وبتضييق الخناق عليهم، بمساعدة من جيش وشرطة الاحتلال، فقد ضربوا السيدة فاطمة سالم، واعتقلوا إبنها خليل وحبسوه في المنزل لمدة خمسة أيام، إضافة إلى كفالة مالية بقيمة 5 آلاف شيقل، وإقامة الحواجز في المنطقة حتى لا يصلها المتضامنين، وتم منع العائلة أيضاً من إستعمال قطعة الأرض البالغة 150 متر مربع أمام البيت وصرح السيد ابراهيم سالم أن "أطفالنا يعيشون حالة قلق وخوف شديدين، إبنتي لم تتجاوز الست سنوات، ترفض الذهاب إلى المدرسة خوفًا من اعتداءات المستوطنين".
الخيمة التي نصبها المستوطن "ايتمار بن غفير" اما ساحة منزل عائلة سالم | منزل عائلة سالم المهدد - الشيخ جراح |
ومن ناحية أخرى، استخدمت قوات الاحتلال قنابل الغاز والصوت وغاز الفلفل لتفريق جموع المتضامنين في الحي الذين تجمعوا في المكان ليل نهار ووقفوا في وجه الاحتلال سواء بالصلاة او الهتاف ورفع معنويات العائلة.
على إثر الأحداث في شهري كانون الثاني وشباط في المكان، من تضامن وإصرار من العائلة على عدم الرحيل، وتمكن محامي العائلة "ماجد غنايم" من استصدار قرار من محكمة الاستئناف بتجميد إخلاء الحاجة فاطمة سالم "مالكة البيت" من منزلها، وعليه فقد قررت المحكمة تجميد القرار إلى أجل غير مسمى والذي كان مقرراً في أول آذار 2022، وكذلك فقد أجبرت العائلة على دفع 25 ألف شيقل، حوالي 8 ألاف دولار أمريكي لتثبيت القرار، إلا أن العائلة ما زالت تحت تهديد التهجير في أي لحظة.
يشار إلى أن عائلة سالم تمتلك حوالي نصف دونم من الأرض في هذه المنطقة، وتمتلك أيضاً بيتاً يتكون من طابقين، بمساحة حوالي مئة وعشرين متراً مربعاً لكل منها. يسكنها الآن 15 فرداً، فالمواطنة فاطمة سالم وأولادها الثلاث إبراهيم وأيوب وخليل وعائلاتهم بما في ذلك زوجاتهم الثلاث وأبنائهم، يتشاطرون البيت محاولين الاحتماء من الغلاء، وأيضاً البقاء في البيت الذي اوآهم منذ سنوات طويلة، متحملين بذلك ضيق المكان وتهديدات المسطوطنين والبلدية. فهم من ناحية يعيشون في البيت منذ أكثر من سبعة عقود، يدفعون ايجاره للجانب الأردني، وهو أيضاً مسجل في السجلات الأردنية قطعة أرض 47-48 بإسم العائلة.
يذكر أن حي الشيخ جراح يقع إلى الشمال من أسوار مدينة القدس القديمة على بعد 1 كم، ويحتوي بيوت قديمة تعود للعائلات المقدسية، وأيضا بيوت جديدة، ويتعرض حي الشيخ جراح منذ فترة طويلة لمحاولات التهويد المنظمة من قبل بلدية الاحتلال والداخلية والمستوطنين، فقد تم هدم عدد من البيوت وتشريد أهلها، وتم الاستيلاء على الكثير من البيوت الأخرى وهناك عائلات كثيرة في الحي تعيش ظروف التهديد اليوم بالتشتيت وخسارة تاريخها في المكان، فعائلة صالحية حيث تم هدم بيتهم وتهجيرهم، وايضا الخطر الذي يتهدد عائلات والكرد، القاسم، الجاعوني، إسكافي في الطرف الشرقي من الحي التاريخي.