أقدمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال، يزيد عددها عن الف عنصر، معززة بالطائرات والآليات المصفحة على اقتحام مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين في مطلع شهر تموز 2023، حيث قام جيش الاحتلال بفرض حصار مشدد على المخيم على مدار ثلاثة أيام ابتداءً من مساء يوم الاحد الموافق (2/7/2023)م وحتى فجر يوم الأربعاء الموافق (5/7/2023)م، وعمل الاحتلال على تنفيذ اقتحامات ميدانية طالت أحياء المخيم كافة على رأسها حارة الدمج جنوب المخيم.

كما أقدم جيش الاحتلال على إضرام النيران في عدد من المنازل السكنية المأهولة بشكل متعمد، بالإضافة الى إحراق عدد من المركبات الفلسطينية الخاصة وتخريب عدد آخر منها والتي زاد عددها على 34 مركبة خاصة، كما عمل على تخريب البنية التحتية في الشوارع والمنازل السكنية حتى أصبحت في حالة يصعب إعادة إعمارها وتحتاج إلى تكاليف باهظة.

  حتى بيوت العبادة لم تسلم هي الأخرى من خلال مداهمة مسجد النصر هناك وتدمير أجزاء كبيرة منه بطريقة يندى لها الجبين.

 ووفق البيانات الصادرة عن بلدية جنين، فإن نحو ثماني كيلومترات من أنابيب المياه طالها التدمير، مما أدى إلى انقطاع إمدادات المياه بالكامل عن المخيم منذ ساعات ظهر يوم 3 تموز.  وفضلًا عن ذلك، لحقت الأضرار بخزانات المياه التي يملكها نحو 300 أسرة أو دُمرت خلال العملية، مما أدى إلى تراجع القدرة على تخزين المياه للاستخدام المنزلي أو انعدامها، وتشير التقديرات الاولية إلى أن كيلومترين من خط المجاري أصابهما أضرار بالغة، وبهذا فان نحو 100 أسرة ما عادت مربوطة بشبكة الصرف الصحي، بالإضافة الى تدمير 4 كم من الطرق الفرعية داخل المخيم.

 السيد محمد الصباغ رئيس لجنة الخدمات في المخيم، افاد لباحث مركز أبحاث الأراضي بالتالي:

" ان ما جرى جريمة كبرى بحق المدنيين، فكان الاحتلال بشكل متعمد يقوم بإطلاق النيران وبشكل عشوائي ومخيف صوب البيوت المتلاصقة بعضها ببعض بهدف إرهاب الأطفال والنساء، ناهيك عن فتح ثغرات في الجدران للتسلل بين البيوت السكنية والانتقال من منزل إلى آخر، ناهيك عن القاء القنابل الصوتية داخل المنازل والحاق الضرر بالسكان، مما أدى الى إجبار أكثر من 500 أسرة فلسطينية، تضم 3,500 فرد من بينهم لا يقل عن 1800 طفلاً على التهجير خلال هذه العملية، وقد أجبرت هذه الأسر على الرحيل عن منازلها إما بسبب الأضرار، أو الدمار، وإما بسبب خشيتها على سلامتها، ولجأ معظم الأشخاص المهجرين إلى منازل أقاربهم خارج المخيم، في حين وجد آخرون ملاذًا لهم في المستشفى الحكومي والبنايات الحكومية الأخرى، كالمركز الشبابي في المدينة. وبينما تمكن العديد من المهجرين من العودة إلى منازلهم، فإن نحو 20 أسرة لا تزال مهجرة، وفقًا للتقديرات الأولية.

  وأضاف الصباغ القول:

" حتى الطرق تم تحفيرها وخلع طبقة الاسفلت وتجريف شبكة الكهرباء والمياه.

   ووفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، فقد استشهد 12 فلسطينياً، من بينهم أربعة أطفال، في جنين خلال العملية المذكورة. كما تفيد الوزارة بأن 143 فلسطينياً أصيبوا بجروح، وأن 20 من هؤلاء في حالة صحية بالغة الخطورة.

   يذكر مخيم جنين اقيم هناك عام 1953، و يقع إلى الغرب من مدينة جنين؛ يطل على سهل مرج بن عامر من جهة الشمال؛ وتحده من الجنوب قرية برقين. تحيط به المرتفعات، ويمر به وادي الجدي من المنطقة الغربية.

بلغت مساحة المخيم عند الإنشاء 372 دونماً، اتسعت إلى حوالي 473 دونماً. وبلغ عدد سكانه عام 1967م حوالي 5019 نسمة؛ وفي عام 2007 وصل 10,371 نسمة.

وحسب تقديرات "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني" يبلغ عدد سكانه في منتصف العام 2023 نحو 11674 لاجئ.

ينحدر أصل أغلب سكان المخيم من منطقة الكرمل في حيفا وجبال الكرمل، وقرى تابعة لجنين احتلت عام 1948.

• سياسة العقاب الجماعي و انتهاك القانون الإنساني:

يذكر ان استراتيجية الاحتلال للسيطرة على المواطنين الفلسطينيين تنتهك القاعدة التأسيسية لكل نظام قانوني حديث تقريباً، حيث ان هذه الممارسات التي تقوم بها دولة الاحتلال تنطوي على انتهاكات خطيرة ضد الفلسطينيين بما في ذلك الحق في الحياة، وحرية التنقل، والصحة، والمأوى المناسب ومستوى المعيشة اللائق"

وينصّ القانون الدولي الإنساني على عدم معاقبة أي شخص عن مخالفة لم يرتكبها. كذلك يحظر القانون تطبيق عقوبة جماعية على مجموعة أشخاص عن جرم ارتكبه شخص آخر، سواء كانت هذه الحالة تتعلّق بأسرى الحرب أو بأشخاص آخرين (اتفاقيّة جنيف 3، المادة 87، البروتوكول 1، المادة 75-2، البروتوكول 2، المادة 4-2 ب.

 ورغم ذلك فان الاحتلال يواصل انتهاك حقوق الانسان وارتكاب أعمال الارهاب وتدمير الممتلكات الخاصة بشكل عشوائي، في حين يدعي الاحتلال الديمقراطية وحقوق الانسان.

آثار الدمار الذي حل بمخيم جنين