2023-10-08

الاحتلال يُجبر سكان تجمع " واد السيق البدوي" شرق رام الله على الرحيل القسري

  • لمحة تاريخية :

 تعتبر منطقة " واد السيق" امتدادا لأراضي بلدة دير دبوان الشرقية، وضمن ما يعرف " برية رام الله" ، و هي من المناطق ذات البعد الاستراتيجي الهام بالنسبة للفلسطينيين ، حيث تمتد اراضي نحو  الشرق لتصل إلى ما يسمى بطريق " الون" الالتفافي، و حتى اطراف منطقة العوجا و منطقة النويعمه غرب مدينة اريحا ، وتتركز على امتداد اكثر من تسعة الاف دونم من الاراضي الرعوية و التي تصنف اداريا بكونها اراضي منتهية التسوية الاردنية.

 يذكران المنطقة كانت قبل عام 1967م تعرف بذات اهمية كبيرة من الناحية الزراعية و كانت تمتاز بخصوبة المراعي هناك، الأمر الذي جعلها محط اهتمام الكثير من العائلات الزراعية في بلدة دير دبوان وايضا قرية رامون المجاورة، و كان يقطنها العشرات بل المئات من تلك العائلات التي كانت تعتمد على الزراعة و تربية الماشية التي تعتبر مصدر دخل اساسي لها، و هناك شواهد ما تزال قائمة تؤكد اهمية تلك المنطقة زراعيا؛ من ابار رومانية و مغر وكهوف مختلفة تعكس الحقب التاريخية المهمة لتلك المنطقة ذات البعد الزراعي الهام.

  وبعد الاحتلال الاسرائيلي عام 1967م، فرض الاحتلال الاسرائيلي قيود مشددة على الاستثمار الزراعي هناك، و ذلك بعد ان حول اكثر من 70% من اراضي منطقة واد السيق الى مناطق مغلقة عسكريا و تخضع بشكل مباشر الى إدارة جيش الاحتلال و التدريبات العسكرية التي يجريها هناك بشكل مستمر.

 و كنتيجة حتمية لما تم ذكره سابقا فان كافة السكان و المزارعين الذين كانوا يتواجدون هناك اضطر غالبيتهم العظمى الى ترك المنطقة بسبب انحسار الموارد الزراعية و تضييق الاحتلال عليهم في السكن و البناء، وفي استغلال الموارد الطبيعة من مياه و تربية.

Image title

الصورة A: جانب من تجمع وادي السيق قبل التهجير

   يذكر ان منطقة واد السيق قد شهدت في العام 1973م، لجوء عدد كبير من التجمعات البدوية اليها خاصة من عائلات الكعابنة، المهاينه، المليحات، الطريفات، و التي تعود في اصولها الى الاراضي المحتلة عام 1948م، حيث نتيجة احتلال الضفة الغربية و اعادة تقسيم الجغرافيا السياسية من قبل الاحتلال، اضطر اكثر من 45 عائلة بدوية الى الاقامة هناك بحثا عن الاستقرار و بهدف استغلال ما تبقى من الاراضي الرعوية ، علما بان كافة تلك الاراضي هي مسجلة بسجلات الطابو الاردني بأسماء مزارعين من بلدة دير دبوان و كافة السكان البدو القاطنين هناك لا يمتلكون أي وثيقة رسمية تؤكد ملكيتهم لتلك الارض بشكل مباشر .

  • استهداف البدو في واد السيق:

 يشار الى ان سكان التجمع البدوي المقيم هناك منذ اكثر من خمسين عاما، كانوا يعيشون في ظروف بدائية صعبة تفتقد الى الحد الادنى من مقومات الثبات؛ فهم يعيشون في خيام متنقلة و منشآت من الصفيح و لا توجد خدمات صحية او انسانية هناك، بسبب الرفض الاسرائيلي المطلق و التعنت بحرمانهم من أي خدمات.

  و على ارض الواقع، و بحسب السجلات الميدانية، فان التجمع وعلى مدار السنوات الماضية شهد سبع عمليات هدم ترافقت مع اخطارات صادرة عن لجنة التنظيم والبناء التابعة للإدارة المدنية الاسرائيلية، لدرجة ان 90% من المنشآت الزراعية و السكنية هناك مخطرة اما بوقف العمل و البناء، او بالهدم، و قد تعرض التجمع عدة مرات للهدم فيه، حيث ان ضعف الملف القانوني و عدم وجود اوراق ملكية لدى البدو كان حجة الاحتلال في رفض أي طلب ترخيص هناك.

  يذكر ان الجهات الرسمية الفلسطينية ممثلة في هيئة مقاومة الجدار قامت بإنشاء مدرسة التحدي في التجمع بهدف التسهيل على الطلية في الدراسة و الحصول على التعليم، في حين قامت جهات و منظمات دولية بتزويد عدد كبير من السكان بخلايا شمسية لتوليد الطاقة الكهربائية، و كذلك غرف معدنية متنقلة للسكن فيها و وحدات صحية متنقلة في سبيل تعزيز الصمود هناك، و لكن فعليا فان كافة تلك المنشآت هي ايضا مخطرة بوقف العمل و البناء من قبل الاحتلال ..

  •   البؤر الرعوية و مخطط الترحيل:

بعد الاعلان الرسمي من قبل حكومة بنيامين نتياهو عن مخطط الضم لأراضي الاغوار و الشفاغوريه، و من ثم الدخول في اتفافيات للسلام مع بعض الدول العربية في العام 2020م، كان هناك توجه ملحوظ من قبل عدة جمعيات استعمارية تنشط في الضفة الى ما يسمى بالضم الصامت للأراضي الزراعية في المناطق "ج"، فكانت فكرة البؤر الرعوية من ضمن هذه الخطوات العملية التي طبقها المستعمرون في ضم المنطقة.

   و فكرة البؤر الرعوية، تتركز على انشاء وحدات استعمارية رعوية وزراعية تتكون من حظائر للماشية و خيام للمستعمرين و منشآت لتربية الاغنام و الابقار فيها، حيث ان تمويل تلك الوحدات يقع على عاتق الجمعيات الاستيطانية، ويتولى جيش الاحتلال حماية هذه البؤر، و الهدف الأساسي من اقامة تلك البؤر هو التضييق على السكان و إغلاق المراعي التي كانت تستغل من قبل البدو، هذا بالإضافة الى السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي هناك عبر إغلاقها من قبل المستعمرين، علما بان تلك البؤر تزحف باستمرار لاستيلاء على الأراضي و تضييق الخناق على البدو بهدف تهجيرهم..

    و بالنسبة الى المواقع التي يتم اقامة تلك البؤر عليها؛ فهي إما اراضي تصنف بانها املاك حكومية، او اراضي جرى عليها أعمال تسريب، او اراضي طابو أردني و لكن متروكة منذ اعوام طويلة و هناك ثغرات كبيرة بها تتمثل في التشتت في الملكية و غبن غير واضح و عدم تجديد سجلات الملكية بها، حيث يستغل المستعمرون الاقامة بها ضمن ما يعرف بالاستيطان الهادئ لتثبيت وجودهم مع مرور الوقت.

   بالنسبة الى حالة واد السيق، يوجد هناك بؤرة استعمارية رعوية قريبة من التجمع البدوي أُنشئت مطلع شهر اذار من العام 2023م، حيث ان تلك البؤرة ساهمت بشكل كبير في اغلاق ما تبقى من المراعي هناك.

  وخلال الاشهر الست الماضية على سبيل المثال لا للحصر، جرى الاعتداء على البدو هناك عدة مرات من خلال منعهم من الوصول الى المراعي و مصادرة صهاريج المياه هناك، و انتهاءً بمداهمة التجمع و تهديد السكان بالرحيل تحت تهديد السلاح، الى ان انتهى المطاف بمداهمة التجمع ليل الاحد الموافق (8/10/2023)م و اختطاف عدد من النشطاء و موظفين من هيئة مقاومة الجدار و الاستيطان من قبل المستعمرين من وسط التجمع البدوي و اقتيادهم الى جهة غير معلومة و التنكيل بهم بالضرب و الاعتداء عليهم بوحشيه.

  يشار الى ان حالة من الخوف باتت سائدة في أوساط سكان التجمع البدوي في ظل ان التجمع بات محاصر بالمستعمرين و جيش الاحتلال في ظل ازدياد هجمات المستعمرين عليهم مؤخرا و  الانتهاء الى الوصول الى حالة من خيبة الامل لدى السكان من الجهات الرسمية، حيث كان هذا سبب رئيسي في التفكير في الهجرة المؤقتة الى موقع قريب؛ تحديدا الى سهل قرية رامون المصنف بالمناطق " ب" من اتفاق اوسلو، و الذي يقع على مسافة ثلاثة كيلومترات عن ذلك التجمع البدوي.

و بحسب المتابعة الميدانية ، فإن 42 عائلة قامت بالرحيل من هناك، مع العلم ان بنية بعض البركسات بقيت في الموقع على امل العودة مجددا في وقت لاحق.

Image title

Image title

Image title

Image title

الصور 1-4: من مساكن المواطنين والمنشآت التي تركوها في التجمع بعد إجبارهم على الرحيل

  • الجدول التالي يبين تفاصيل حول بعض العائلات التي تم تهجيرها من الموقع:

المواطن المتضرر

افراد العائلة

عدد الأطفال

عدد المواشي

المنشآت المتضررة والمتروكة في التجمع

مسكن

خيمة اغنام

توابع أخرى

محمد مصطفى سليمان الكعابنه

7

3

34

خيمة سكن 45م2

خيمة اغنام 60م2

مطبخ

عبد الله مصطفى سليمان الكعابنه

4

2

30

خيمة سكن 45م2

خيمة اغنام 45م2

مطبخ

سليمان سالم علي كعابنه

8

3

130

خيمة سكن 60م2

خيمة اغنام 36م2

+

خيمة اغنا م 45م2

مطبخ

+

حمام

+

خيمة علف 9م2+

خلايا شمسية

امجد سليمان سالم الكعابنه

3

1

-

خيمة سكن 45م2

-

مطبخ

جبرين سليمان سالم الكعابنه

2

-

-

خيمة سكن 45م2

-

مطبخ

مصطفى سليمان سالم الكعابنه

4

2

-

خيمة سكن 45م2

-

مطبخ

سليمان مصطفى سليمان الكعابنه

11

7

89

خيمة سكن 45م2

+ خيمة سكن 60م2

خيمة اغنام 60م2

+

خيمة اغنام 90م2

مطبخ+ حمام+ خلايا شمسية+ خيمة علف 6م2

خالد إبراهيم درويش كعابنه

3

1

28

خيمة سكن 45م2

خيمة اغنام 60م2

مطبخ + خلايا شمسية

نوفه سالم علي كعابنه

3

-

19

خيمة سكن 45م2

خيمة اغنام 36م2

حمام + مطبخ+ خلايا شمسية

احمد عبد حميد كعابنه

9

4

39

خيمة سكن 60م2+ خيمة سكن 45م2

خيمة اغنام 64م2

مطبخ+ خلايا شمسية+ حمام

إبراهيم محمد حسن دعاجنه

8

5

147

خيمة سكن 45م2+ خيمة سكن 72م2

خيمة اغنام 45م2+خيمة اغنام 90م2+ خيمة اغنام 45م2

مطبخ+ حمام+ خيمة علف + خيمة علف 16م2+خلايا شمسية

نعيم محمد محمود أبو عيد

6

3

62

خيمة سكن 60م2

خيمة اغنام 60م2+ خيمة دواجن 16م2

مطبخ+ حمام+ خيمة علف9م2+خلايا شمسية

علي محمد علي عراعره

5

2

47

خيمة سكن 60م2

خيمة اغنام 45م2+ خيمة دواجن 12م2

حمام + مطبخ+ خلايا شمسية

عوده عواد فزاع الكعابنه

15

7

82

خيمة سكن 60م2+ خيمة سكن 45م2+ خيمة سكن 45م2

خيمة اغنام 60م2+ خيمة اغنام 82م2

خيمة علف 12م2+ مطبخ+ حمام+ خلايا شمسية

قاسم محمد علي عراعره

3

-

36

خيمة سكن 45م2

خيمة اغنام 60م2+ خيمة دواجن 12م2

خيمة علف 9م2+ مطبخ+ حمام+ خلايا شمسية

سعيد نايف محمد علي عراعره

2

-

18

خيمة سكن 45م2

خيمة اغنام 60م2

مطبخ + حمام + خلايا شمسية

محفوظ عواد فزاع الكعابنه

9

4

53

خيمة سكن 68م2

خيمة اغنام 90م2

مطبخ + خيمة علف 12م2+ خلايا شمسية

خلف محمد علي عراعره

6

3

24

خيمة سكن 45م2

خيمة اغنام 68م2

مطبخ + حمام+ خلايا شمسية

داوود محمد علي عراعره

7

5

49

خيمة سكن 82م2

خيمة اغنام 60م2

خيمة علف9م2+ حمام+ مطبخ+ خلايا شمسية

راضي محمد علي عراعره

3

1

17

خيمة سكن 48م2

خيمة اغنام 45م2

مطبخ+ خلايا شمسية

محمد علي سالم عراعره

7

2

12

خيمة سكن 60م2

خيمة اغنام 45م2

خلايا شمسية+ مطبخ + حمام

محمود محمد علي عراعره

3

1

38

خيمة سكن 45م2

خيمة اغنام 68م2

مطبخ + خيمة علف 12م2+ حمام + خلايا شمسية

نايف محمد علي عراعره

6

4

22

خيمة سكن 72م2

خيمة اغنام 45م2+ خيمة اغنام 16م2

مطبخ+ خيمة علف 9م2+ خلايا شمسية+ حمام

محمود احمد فزاع الكعابنه

11

5

68

خيمة سكن 80م2+ خيمة سكن 45م2

خيمة اغنام 60م2+ خيمة اغنام 18م2

مطبخ + خلايا شمسية+ خيمة علف 9م2

عبد الله محمود احمد فزاع الكعابنه

3

1

-

خيمة سكن 45م2

-

-

سليمان مصطفى سليمان الكعابنه

2

-

-

خيمة سكن 45م2

-

مطبخ+ حمام

عبد الرحمن مصطفى سليمان الكعابنه

9

7

72

خيمة سكن 36م2+ خيمة سكن 24م2

خيمة اغنام 60م2 + خيمة اغنام 24م2

مطبخ+ حمام+ خلايا شمسية+ خيمة علف 12م2

  • واد السيق بعد التهجير:

 يذكر ان موقع واد السيق بعد هجرة السكان البدو عنه، بات محط أطماع المستعمرين الذين يتواجدون هناك بشكل مستمر، بل ان مدرسة التجمع( مدرسة التحدي) أصبحت مهجورة و تم سرقة معظم مقتنياتها من قبل المستعمرين حيث ان ما تبقى من مقتنيات البدو هناك تم الاستيلاء عليها بالكامل.

  و من غير المستبعد ان يستغل المستعمرين ذلك في اقامة بؤرة رعوية جديدة هناك، و الأخطر من ذلك هو انه في حال قرر البدو العودة هناك فسكون يلجا الاحتلال الى منعهم من خلال تسليمهم عدد كبير من الاخطارات و الشروع بأعمال هدم فورية هناك.

Image title

الصورةB: من اقتحامات الاحتلال للتجمع البدوي في وقت سابق

    و من الناحية الفعلية بعد عملية التهجير القسري لتجمع واد السيق، والذي سبقه ايضا تجمع عين ساميه و تجمع القبون و تجمع راس التين بالإضافة الى تجمعين صغيرين آخرين في منطقة برية محافظة رام الله ليصل مجموع العائلات التي رحلت الى 85 عائلة، فان المنطقة على امتداد 40 الف دونم قد أصبحت مرتع للمستعمرين الذين يزحفون باستمرار للسيطرة عليها، مستغلين عدم وجود أي مواطن هناك بالإضافة الى ضعف في تحديث السجلات المتعلقة بالكلية في تنفيذ أجندة الاحتلال في تهويد المنطقة ككل..