2023-10-19
قامت مجموعة من المستعمرين، صباح يوم الخميس الموافق (19/10/2023)م بتنفيذ عملية سطو و سرقة للموقع الاثري المعروف بخربة سيلون، حيث اقدم المستعمرون- الذين يُعتقد بانهم قدموا من مستعمرة شيلو- على سرقة مزيد من الاثار و حجارة تاريخية بهدف تقلها الى داخل المستعمرة تحت حراسة جيش الاحتلال الاسرائيلي.
يذكر انه منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967م وضع في صلب أجندته السيطرة الكاملة على المناطق الأثرية ومقدرات المنطقة، من ثم تهويدها وفق الراوية الإسرائيلية، حيث ابتكر الاحتلال من الخطط والخدع ما يكفل عمليات التزوير للتاريخ الأصيل بتاريخهم المزيف.
وما يتم اليوم في خربة سيلون الواقعة في الجهة الجنوبية من قرية قريوت جنوب نابلس لأكبر شاهدا على عمليات تزييف التاريخ، وعمليات السطو وسرقة الآثار من عصابات منظمة من المستوطنين أنفسهم، عدى عن كونه شاهدا حيا يعكس مخططات الاحتلال إلى ضم الآثار والتراث العربي الأصيل إلى قائمة التراث الإسرائيلي المزور بهدف خداع الرأي العام العالمي.
تقع الخربة ضمن أراضي قريوت الجنوبية، وسيطرت عليها دائرة الآثار الصهيونية نهاية السبعينات، سكنها الكنعانيون العرب هي ومنطقة جبل راس مويس المجاورة لها، وأطلقوا عليها اسم (شيلوه) وهي كلمه كنعانية بمعنى موقع الراحة.
خربة سيلون غنية بكنوزها المعمارية حيث تحتفظ بآثار حقب عدة وحضارات مختلفه من ضمنها الكنعانية والرومانية والبيزنطية، إضافة إلى الإسلامية.
الصور 1-3: صور منشورة من معالم خربة سيلون الاثرية
وتوجد فيها آثار من سكنوا فلسطين منذ الأزل ليومنا هذا،من أشهر معالمها المسجد العمري وهو مسجد قديم يعود للفترة العباسية، وهناك كنيستين تعودان للحقبة الرمانية تتزينان بالفسيفساء على جدرانها بصورة جمالية اخاذه وملفتة للانتباه. وهناك المغر وهي بالعادة بيوت أو قبور رومانية محفورة داخل الصخر تضم في ثنيتاها رفات الملوك والأمراء والنبلاء من عاشوا في تلك الحقب.
وتعد الآبار الرومانية المحفورة داخل الصخر من ابرز المعالم الأثرية هناك، حيث كانت تلك الآبار الصخرية تجمع المياه في بركة صخرية ضخمة وكانت البركة مصدر لري مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية.
بالإضافة إلى ما تقدم توجد "الميده"، وهي منطقة وصلنا عن الأجداد أنها المكان الذي نزلت فيه المائدة على سيدنا عيسى.
سعى الاحتلال الإسرائيلي ممثلا بما تعرف بوزارة الآثار الإسرائيلية إلى طمس معالم الآثار التاريخية في خربة سيلون وتحويل المسجد العمري إلى معلم ديني يهودي.
وتجري الاستعدات قريبا إلى افتتاح المنطقة (خربة سيلون) أو ما يسمى (شيلو) حسب وصف الاحتلال وذلك خلال أيام على اعتبارها منطقة أثرية يهودية وليست فلسطينية، حيث تنتهي اللمسات الأخيرة لتدشين مركز سياحي جديد للزائرين على راس تلة مطلة على خربة سيلون.
ورصدت حكومة الاحتلال لتنفيذ هذا المخطط ملايين الدولارات، ومن المقرر افتتاحه خلال أسابيع.
ويتضمن المركز الجديد بناية مستديرة الشكل ذات القباب على حجر مثلث الشكل. وحسب الراوية الإسرائيلية المزورة فان في هذا المكان يوجد بقايا لتابوت العهد الذي احضره الإسرائيليون ممن جعلوا "شيلو" عاصمة لهم.
يذكر أن ما تسمى وزارة المعارف الإسرائيلية في عهد الحكومة الماضية أعلنت أن منطقة خربة سيلون انها ضمن التراث اليهودي، وضمن خارطة برنامج الرحل المدرسية السنوية لليهود المتدينين. ويأتي هذا بالتزامن مع الإعلان عن الحرم الإبراهيمي في الخليل وقبر يوسف في نابلس أنهم جزءا من التراث اليهودي.
وتأتي خطوة ما تسمى وزارة المعارف الإسرائيلية في تكريس واقع المنطقة وإلى بث أفكار مسمومة في عقول أطفالهم وشبابهم حول تاريخ المنطقة.
يذكر أن منطقة خربة سيلون وكما يحدثنا أجدادنا عن المنطقة، أن أبناء القرية في الماضي كانوا يمكثون ويزرعون فيها كافة المزروعات، فكانت رافدا رئيسيا من الروافد الاقتصادية، وذلك لما تتمتع به المنطقة من مناظر ووفرة للينابيع القديمة عدى عن خصوبة الأراضي هناك.
ولكن الاحتلال الإسرائيلي كعادته أعلن عن المنطقة كمنطقة مغلقة عسكريا ومنع التواجد الفلسطيني بها وذلك منذ عام 2000م.
وقد ساهمت اتفاقية أوسلو عام 1993م المبرمة بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل في تسهيل عملية سرقة المناطق التاريخية، وذلك عبر الإعلان عن أكثر من 550 موقع اثري في الضفة الغربية والقدس الشريف ضمن المناطق المصنفة c وتخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة.
فاستغل الاحتلال هذا الجانب في بناء المستوطنات والبؤر العشوائية على أنقاض تلك المناطق التاريخية، بالإضافة إلى الإعلان عن قسم منها بأنها مناطق مغلقة عسكريا كما يحدث بخربة سيلون اليوم.
ولكن الأدهى من ذلك، فان حكومة الاحتلال تقدم تسهيلات كبيرة لعصابات من المستوطنين هدفها الرئيس سرقة وتزوير الآثار الفلسطينية وبيعها داخل الخط الأخضر باثمان زهيدة.
ومن هذا المنطلق، لقد حان الوقت إلى ترسيخ ثقافة العناية بالمناطق التاريخية في عقول أبناءنا. ويجب فرض مادة إجبارية تدرس فيها المناطق التاريخية في فلسطين.. بهدف حماية التاريخ في ظل الهجمة الإسرائيلية ضد تاريخنا وحضارتنا.