2024-04-04
تفاصيل الانتهاك:
شرعت مجموعة من المستعمرين صباح يوم الخميس الموافق (4/4/2024)م بإغلاق منطقة سيلون الأثرية التابعة لقرية قريوت بمحافظة نابلس، عبر وضع يافطات تحذر الفلسطينيين من الدخول الى الموقع.
ومنذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967م وضع في صلب أجندته السيطرة الكاملة على المناطق الأثرية ومقدرات المنطقة، من ثم تهويدها وفق الراوية الإسرائيلية، حيث ابتكر الاحتلال من الخطط والخدع ما يكفل عمليات الاستيلاء عليها وتزييف معالمها التاريخية.
وما يتم اليوم في خربة سيلون الواقعة في الجهة الجنوبية من قرية قريوت جنوب نابلس لأكبر شاهداً على عمليات السطو وسرقة الآثار من عصابات منظمة من المستوطنين أنفسهم، عدى عن كونه شاهداً حياً يعكس مخططات الاحتلال إلى ضم الآثار والتراث العربي الأصيل إلى قائمة التراث الإسرائيلي المزور بهدف خداع الرأي العام العالمي.
يشار الى أن الخربة تقع على مسافة حوالي 200مترا من ما تسمى بمستعمرة "شيلو"، حيث جرى في السابق محاولات متكررة من قبل المستعمرين للاستيلاء على الموقع التاريخي وسرقة آثاره، علماً بأن أهالي قرية قريوت كانوا ومازالوا يحاولون البقاء في محيط الموقع الأثري بغية حمايته من مخططات الاحتلال، واليوم يستغل المستعمرون حالة الطوارئ نتيجة الحرب الحالية، في إغلاق الموقع أمام الفلسطينيين بشكل كامل بل والسماح لجماعات المستعمرين بالتوجه الى هناك والسيطرة على الموقع ككل.
صور منشورة لتجمعات المستعمرين في خربة سيلون
تقع الخربة ضمن أراضي قريوت الجنوبية، سيطرت عليها دائرة الآثار الصهيونية نهاية السبعينات وسكنها الكنعانيون العرب هي ومنطقة جبل راس مويس المجاورة لها، وأطلقوا عليها اسم (شيلوه) وهي كلمة كنعانية بمعنى موقع الراحة.
خربة سيلون غنية بكنوزها المعمارية حيث تحتفظ بآثار حقب عدة وحضارات مختلفة من ضمنها الكنعانية والرومانية والبيزنطية، إضافة إلى الإسلامية.
وتوجد فيها آثار من سكنوا فلسطين منذ الأزل ليومنا هذا... من أشهر معالمها المسجد العمري وهو مسجد قديم يعود للفترة العباسية، وهناك كنيستين تعودان للحقبة الرمانية تتزينان بالفسيفساء على جدرانها بصورة جمالية ملفتة للانتباه، وهناك المغر وهي بالعادة بيوت أو قبور رومانية محفورة داخل الصخر تضم في ثناياها رفات الملوك والأمراء والنبلاء من عاشوا في تلك الحقب.
وتعد الآبار الرومانية المحفورة داخل الصخر من أبرز المعالم الأثرية هناك، حيث كانت تلك الآبار الصخرية تجمع المياه في بركة صخرية ضخمة وكانت البركة مصدر لري مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية.
بالإضافة إلى ما تقدم توجد "الميدة"، وهي منطقة وصلنا عن الأجداد أنها المكان الذي نزلت فيه المائدة على سيدنا عيسى.
مخططات الاحتلال لتزييف تاريخ المنطقة
سعى الاحتلال الإسرائيلي ممثلاً بما تعرف بوزارة الآثار الإسرائيلية إلى طمس معالم الآثار التاريخية في خربة سيلون وتحويل المسجد العمري إلى معلم ديني يهودي.
وتجري الاستعدادات قريباً إلى افتتاح المنطقة (خربة سيلون) أو ما يسمى (شيلو) حسب وصف الاحتلال، وذلك خلال أيام على اعتبارها منطقة أثرية يهودية وليست فلسطينية، حيث تنتهي اللمسات الأخيرة لتدشين مركز سياحي جديد للزائرين على رأس تلة مطلة على خربة سيلون.
ورصدت حكومة الاحتلال لتنفيذ هذا المخطط ملايين الدولارات، ومن المقرر افتتاحه خلال أسابيع.
ويتضمن المركز الجديد بناية مستديرة الشكل ذات القباب على حجر مثلث الشكل. وحسب الراوية الإسرائيلية المزورة فان في هذا المكان يوجد بقايا لتابوت العهد الذي احضره الإسرائيليون ممن جعلوا "شيلو" عاصمة لهم.
يذكر أن ما تسمى وزارة المعارف الإسرائيلية في عهد الحكومة الماضية أعلنت أن منطقة خربة سيلون انها ضمن التراث اليهودي، وضمن خارطة برنامج الرحل المدرسية السنوية لليهود المتدينين. ويأتي هذا بالتزامن مع الإعلان عن الحرم الإبراهيمي في الخليل وقبر يوسف في نابلس أنهم جزءا من التراث اليهودي.
وتأتي خطوة ما تسمى وزارة المعارف الإسرائيلية في تكريس واقع المنطقة وإلى بث أفكار مسمومة في عقول أطفالهم وشبابهم حول تاريخ المنطقة.
يذكر أن منطقة خربة سيلون وكما يحدثنا أجدادنا عن المنطقة، أن أبناء القرية في الماضي كانوا يمكثون ويزرعون فيها كافة المزروعات، فكانت رافداً رئيسياً من الروافد الاقتصادية، وذلك لما تتمتع به المنطقة من مناظر ووفرة للينابيع القديمة عدى عن خصوبة الأراضي هناك.
ولكن الاحتلال الإسرائيلي كعادته أعلن عن المنطقة كمنطقة مغلقة عسكرياً ومنع التواجد الفلسطيني بها وذلك منذ عام 2000م.
جدير بالذكر بأن الاحتلال قام بالاستيلاء منذ اتفاق اوسلو عام 1993 وضع يده على أكثر من 550 موقع أثري في الضفة الغربية والقدس المحتلة بذريعة وجودها في المنطقة المصنفة "ج" والتي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة.
فاستغل الاحتلال هذا الجانب في بناء المستوطنات والبؤر العشوائية على أنقاض تلك المناطق التاريخية، بالإضافة إلى الإعلان عن قسم منها بأنها مناطق مغلقة عسكرياً كما يحدث بخربة سيلون اليوم.
ولكن الأدهى من ذلك، فان حكومة الاحتلال تقدم تسهيلات كبيرة لعصابات المستعمرين هدفها الرئيس سرقة وتزوير الآثار الفلسطينية وبيعها داخل الخط الأخضر بأثمان زهيدة.