مستعمرون يحرقون مبنى زراعي في قرية أبو فلاح شمال شرق مدينة رام الله

  • الانتهاك: إحراق مبنى زراعي وإتلاف كامل محتوياته.
  • الموقع: خربة أبو فلاح /شمال رام الله.
  • تاريخ الانتهاك: 04/01/2025.
  • الجهة المعتدية: المستعمرون.
  • الجهة المتضررة: المزارع نائل عبد الله سعيد زهور.
  • تفاصيل الانتهاك:

شهدت قرية خربة أبو فلاح، الواقعة إلى الشمال من مدينة رام الله، عصر يوم السبت الموافق (4/1/2025م)، اعتداءً جديدًا من قبل مجموعة من المستعمرين، انطلاقًا من البؤرة الرعوية المقامة على أطراف القرية الشرقية، والتي تقع فعليًا على مسافة 2 كم من منازل القرية.

يُذكر أن مجموعة من المستعمرين أقدموا على مداهمة متنزه خاص يعود في ملكيته للمزارع نائل عبد الله سعيد زهور، وهو المعيل لأسرة مكونة من عشرة أفراد، من بينهم ثلاث إناث، ولا يوجد أطفال ضمن العائلة. علمًا بأن المتضرر يحمل الجنسية الأمريكية ومقيم في الولايات المتحدة الأمريكية.

وحول تفاصيل ما جرى أفاد شقيقه فوزان عبد الله زهور بالقول: 

يملك أخي نائل عبد الله سعيد زهور (68 عامًا) قطعة أرض مساحتها دونمان ومئتا متر في منطقة جبل سيع الواقعة إلى الشرق من قرية أبو فلاح، تُصنَّف تلك المنطقة ضمن منطقة "ب" حسب اتفاقية أوسلو. علمًا بأن أخي يحمل بطاقة الهوية الفلسطينية والجنسية الأمريكية."

وأضاف:

"أقام أخي نائل في تلك الأرض عام 2003 عزبة زراعية، وهي عبارة عن غرفة زراعية من الحجر والإسمنت المسلح، تتألف من طابقين بمساحة 80م². كما قام بإحاطة الأرض بأسوار إسمنتية وسياج، ونظّم الأرض الواقعة على منحدر بسلاسل حجرية".

وقال:

وفي بداية عام 2024، أضاف أخي الزجاج المقوى "السكوريت" إلى الغرفة الواقعة في الطابق الثاني من البناء. علمًا بأن الهدف من البناء زراعي وللاستجمام العائلي، حيث تُطل الأرض والبناء على سهل زراعي واسع يُدعى "مرج سيع"، يزرعه أهالي القرية بأشجار الزيتون والمحاصيل الموسمية مثل الحبوب والخضروات".

تجدر الإشارة إلى أن المنطقة بأكملها كانت بعيدة عن المستعمرات والشوارع الالتفافية، ولم تشهد اعتداءات من قبل المستعمرين حتى أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. بعد ذلك، بدأ المستعمرون بتنفيذ هجمات على المنطقة، تضمنت تكسير أشجار الزيتون، تخريب المحاصيل، إحراق السيارات، والاعتداء على المواطنين. وقد أقام المستعمرون بؤرة رعوية إلى الشرق من المنطقة، على بُعد نحو 1.5 كم.

وأضاف القول:

"يوم السبت الموافق 4/1/2025، ما بين الساعة الرابعة إلى الخامسة مساءً، كنت أتواجد في منزلي الواقع وسط قرية أبو فلاح، حيث تلقينا خبرًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالقرية يدعو أهالي القرية إلى الهبّة للدفاع عن أراضيهم ضد المستعمرين الذين يشنون هجومًا عليها، بما في ذلك إحراق المستعمرين للعزبة الزراعية الخاصة بأخي نائل. عندها تحركنا بسرعة متوجهين إلى منطقة العزبة، ليتبين أن جنود الاحتلال الإسرائيلي يمنعون أهالي القرية من الوصول إلى جبل ومرج سيع، حيث وضع جنود الاحتلال عدة حواجز في المنطقة".

"تمكنت أنا وأبنائي وأقاربي من الوصول إلى الغرفة الزراعية سيرًا على الأقدام عبر طرق فرعية ودروب جبلية، لنجد النيران تشتعل بالغرفة الزراعية، بينما كانت سيارة إطفاء تابعة لبلدية بلدة ترمسعيا المجاورة تعمل على إطفاء الحريق، إذ سمح جنود الاحتلال لوصول سيارة الإطفاء ولم يعيقوا عملها. لاحظت أن النيران كانت تشتعل في الغرفة "السكوريت"، ولم يكن المستعمرون موجودين عند وصولنا، إذ فرّوا بعد أن أشعلوا النار في الغرفة، ورغم الحريق، حرصنا عند وصولنا على إطفاء مولدات الكهرباء الموجودة في غرفة بالطابق الأول من البناء، خشية امتداد النيران إليها. استغرق الأمر نحو ساعة إلا ربع حتى تمكنت الإطفائية من إخماد الحريق.

بعد إطفاء الحريق، بدأنا بتفقد الغرفة "السكوريت"، لنجد أن النيران قد أتت عليها بالكامل، بما في ذلك الزجاج وسقف الغرفة، كما احترق ما فيها من أثاث، مثل المقاعد، الطاولة الوسطية، "إسكمليات"، التلفاز، ومدفأة الغاز. أدى الحريق إلى انفجار أسطوانة غاز كبيرة الحجم خاصة بالمدفأة، إضافة إلى احتراق مدفأة كهربائية. كما لاحظت أن المستعمرين قاموا أيضًا بتكسير ألواح الطاقة الشمسية الموجودة على سطح الغرفة المصنوعة من الحجر والمتصلة بالغرفة "السكوريت"، بالإضافة إلى تحطيم كشافات الإضاءة المثبتة على تلك الغرفة، وعددها ستة كشافات.أستطيع القول إن الخسائر باهظة جدًا نتيجة التكلفة العالية لبناء الغرفة."

الغرف الزراعية في دائرة الاستهداف الإسرائيلي:

إن استهداف جيش الاحتلال والمستعمرين للغرف الزراعية التي يبنيها المزارع الفلسطيني في أرضه بغرض حفظ العدد الزراعية التي يستخدمها في الاعتناء بأرضه، إضافة الى أنه يستخدم الغرفة للاستراحة بعد تعب عند قيامه بالعمليات الزراعية (حراثة، ري المزروعات، تعشيب الأرض، رشها بالمبيدات الحشرية ..الخ)، يهدف الاحتلال ومستعمريه من هذه الاعتداءات الى ثني المزارع الفلسطيني عن أرضه ودب الرعب فيه بأن وصوله للأرض يهدد حياته للخطر وبالتالي حرمان المزارع من الوصول الى أرضه بأمان.

هذا ووثق مركز أبحاث الأراضي هدم سلطات الاحتلال لـ 302 منشأة زراعية منذ بدء الحرب على قطاع غزة – حتى شهر 11/2024 - منها 54 غرفة زراعية، كما أن المستعمرين اعتدوا بالحرق أو التخريب أو تدمير للمتلكات الزراعية لـ 446 منشأة زراعية منها 106 غرفة زراعية.

وعليه فإن جيش الاحتلال ومستعمروه يتبادلون الأدوار في الاعتداء على ما هو زراعي من منشآت وأراضي بهدف جعل تلك الاراضي فارغة يخشى الفلسطينيون على حياتهم عند الوصول اليها لتبقى مخزوناً استعمارياً.

حرق المنشآت الزراعية يؤدي إلى انتشار عدة ملوثات في الهواء:

يقوم غالبية المزارعين الفلسطينيين بإنشاء غرف زراعية في أراضيهم، وذلك للاستراحة وحفظ عددهم الزراعية، وكذلك الاحتفاظ بالأسمدة والمبيدات الكيماوية، وأنابيب ري وغيرها، كما أن بعض الغرف تحتوي على أثاث مكوناتها   بلاستيك أو اسفنج ..الخ.

وهذه الغرف منتشرة بشكل واسع في الأراضي الفلسطينية وأصبحت في الآونة الأخيرة هدفاً للاحتلال الإسرائيلي ومستعمريه، فعدا عن عمليات الهدم والتهديد لتلك الغرف، يقوم المستعمرون بحرق الغرف الزراعية كما في حالة عائلة زهور التي حرق المستعمرون غرفتها الزراعية، وعليه فإن المستعمرين يرتكبون ضرراً كبيراً في البيئة الفلسطينية المحيطة بالغرف الزراعية خاصةً وأنه يوجد فيها مواد بلاستيكية ومبيدات كيماوية تؤدي الى انبعاث الملوثات المختلفة في الهواء مما يسبب ازعاجاً ويلحق ضرراً في البشر والحيوانات والمحاصيل الزراعية أيضاً، خاصة أن المواد البلاستيكية غنية بالكربون – الذي يعتبر غاز الدفينة-، وكذلك أثناء اشتعال النيران تتطاير جزيئات من الرماد وتلوث الجو، وإذا كان في تلك الغرف مبيدات كيماوية فإن تبخر تلك المواد ملوثاً للهواء وقد يعرض الناس للخطر خلال استنشاق أبخرة المبيدات الزراعية.

رغم أن الجهة المختصة في حماية البيئة الاسرائيلية هي - وزارة حماية البيئة الاسرائيلية التي تقوم بتنسيق العمل في القضايا المتعلقة بالبيئة والحد من التلوث ... الخ، تصرح على موقعها الالكتروني لوزارة حماية البيئة الاسرائيلية، بهذه العبارة ( إن تلوث الهواء لا يبقى في مكان محدد ولا يعرف الحدود بل ينتشر حسب ظروف المناخ مع الرياح ودرجة الحرارة والرطوبة) إلا أن أكثر مسبب في تلوث الهواء هم المستعمرون المنتشرون في المستعمرات والبؤر الاستعمارية في أراضي الضفة الغربية، حيث لا يقتصر الحرق للمنشآت الزراعية بل للأشجار والمحاصيل والمنشآت الأخرى والمساكن والمركبات الفلسطينية أيضاً.

بموجب الأمر بالاجراءات الجنائية الإسرائيلية عام 2022- فإن "حرق النفايات في موقع غير قانوني خاضع لغرامة مالية قدرها 2000 شيقل على الفرد و12 ألف شيقل على الشركة"[1]، حيث وبحسب ما تم التصريح به فإنه قد يسبب الأمراض المزمنة والتعرض لأمراض السرطان في حال استنشاق البشر لمواد سامة. 

وإن حرق مثل هذه الغرف لا يقل ضرراً عن حرق النفايات بل يتعدى ذلك كونه في أراضي زراعية وملكيته خاصة تعود لفلسطينيين، وعليه يجب أن تكون المخالفة مضاعفة بالدخول لعقار ليس بعقاره والتعدي بيئياً عليه.

ومما لا شك فيه أن الاعتداءات التي يقوم بها الجانب الإسرائيلي تخالف قوانين "دولة الاحتلال" قبل غيرها من القوانين، وبالرجوع إلى تفاصيل هذه الحالة نجد أن قانون العقوبات الإسرائيلي لعام 1977م وتعديلاته قد نص على أن التعدي على ممتلكات الغير لارتكاب جريمة فعل معاقب عليه بالقانون، حيث نصت المادة 447 على أنه:" من فعل أي من ذلك بقصد ترهيب مالك عقار أو إهانته أو مضايقته أو ارتكاب جريمة، عقوبته السجن سنتين:

(1) يدخل أو يعبر العقار؛ (2) بعد دخوله العقار بشكل غير قانوني.

(ب) تُرتكب جريمة بموجب هذا القسم عندما يحمل الجاني سلاحًا ناريًا أو سلاحًا باردًا، عقوبته هي السجن أربع سنوات".

وبقراءة نص هذه المادة نجد بأن قانون العقوبات الإسرائيلي جرم مجرد دخول أي شخص بدون وجه حق إلى عقار ليس بعقاره بهدف الإهانة أو المضايقة أو الترهيب ويعاقب على ذلك الفعل سنتين، وتتضاعف العقوبة عندما يدخل المعتدي ويرتكب جريمة في عقار غيره باستخدام سلاح أو أداة حادة أو حتى الاعتداء الأراضي الزراعية من قطع وحرق وتخريب، وهذا ما تم تجريمه صراحةً في نص المادة المذكورة من قانون العقوبات الإسرائيلي آنف الذكر.

وعليه فإن المعتدي الإسرائيلي يخالف دون أي وجه حق ما جاء في القوانين والمعاهدات الدولية، وما جاء أيضاً في قوانين "دولته" الداخلية مخالفةً صريحة، وعليه لا بد على "القضاء الإسرائيلي" محاسبة ومعاقبة المستعمرين على هذه الأفعال بموجب نصوص قوانينهم وما جاء فيها. إلا أنه لا يوجد أي مسائلة قانونية للمعتدي من قبل القضاء الإسرائيلي. ولكن هذا لا ينفي حق أي إنسان على هذه الأرض أن يعيش في بيئة نظيفة وسليمة وآمنة من أي انتهاك واعتداء ضدها.

خربة أبو فلاح[2]:

   يشار الى أن خربة أبو فلاح تقع الى الشمال الشرقي من مدينة رام الله، حيث يبلغ عدد سكانها حتى العام 2020م ما يقارب 4200 نسمة حسب مؤشرات الإحصاء الفلسطيني.

 وتبلغ مساحة أراضيها 8254 دونماً منها  750 دونماً خاضع للبناء، وتصنف أراضي القرية كالتالي:

أراضي "أ" : لا يوجد.

أراضي مصنفة "ب":  8219 دونم. 

أراضي "ج" : 28 دونم.

الصور المرفقة آثار إحراق المبنى الزراعي في خربة أبو فلاح

[2] المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية – مركز أبحاث الأراضي.

مشروع: حماية الحقوق البيئية الفلسطينية في مناطق "ج" SPERAC IV - FCDO

Disclaimer: The views and opinions expressed in this report are those of Land Research Center and do not necessarily reflect the views or positions of the project donor; the Norwegian Refugee Council.

إخلاء المسؤولية: الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا التقرير هي آراء ووجهات نظر مركز أبحاث الأراضي ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر أو مواقف الجهة المانحة للمشروع؛ المجلس النرويجي. للاجئين

الصور المرفقة آثار إحراق المبنى الزراعي في خربة أبو فلاح