تقديم:
بينما يواصل المستعمرون إقامة مستعمراتهم على أراضي المواطنين في الضفة الغربية بقوة سلاحهم وسلاح جيش الاحتلال الإسرائيلي، والسيطرة على المياه الجوفية الفلسطينية لصالح التمدد الاستعماري، باتت المياه العادمة الصادرة من تلك المستعمرات سلاحاً يُستخدم للتنكيل بالفلسطينيين وتدمير مصادر رزقهم.
وفي هذا السياق، يواصل المستعمرون استخدام المياه العادمة، أو ما تُسمى بمياه الصرف الصحي الناتجة عن تلك المستعمرات، في محاربة الفلسطينيين، وخاصة القريبين من تلك التجمعات الاستعمارية، من خلال السماح لهذه المياه بالتدفق على أراضي المواطنين، ما يؤدي إلى إتلاف محاصيلهم الزراعية وتلويث بيئتهم والتنكيل بهم لإجبارهم على الرحيل والهجرة من جوار تلك المستعمرات، التي أُقيمت أصلاً على أراضيهم، غير آبهين بحجم الضرر البيئي المسببين له.
وتُعتبر مستعمرة "بيت أرييه"، الجاثمة على أجزاء من أراضي قرية اللبن الغربي، خطراً حقيقياً على القطاع الزراعي في القرية، سواء بسبب المخلفات الصلبة أو السائلة الخارجة منها، أو نتيجة السياسة المتبعة في تلك المستعمرة، والتي تزحف نحو الأراضي المجاورة بشكل تدريجي.
يُذكر أن مستعمرة "بيت أرييه" أُسست عام 1981 على أراضٍ صودرت من قرية اللبن الغربي، وتبلغ مساحتها 1653 دونماً تمّت مصادرتها من أراضي اللبن الغربي وقرية عابود. معظم مستعمريها يعملون خارج المستعمرة، وخاصة في الصناعات الجوية الإسرائيلية، حيث يبعد مطار اللد عنها مسافة 10 كم. وقد سُميت المستعمرة "بيت أرييه" نسبةً إلى "أرييه بن أليعازر"، أحد قادة منظمة الإيتسل الإرهابية ومن مؤسسي حركة حيروت (الليكود). وبلغ عدد المستعمرين في المستعمرة حتى عام 2018 5,139 مستعمر[1].
مستعمرة بيت أريه المعتدية على أراضي المواطنين الزراعية والمساكن الفلسطينية - اللبن الغربي
يُذكر أن أراضي قرية اللبن الغربي، المشجَّرة معظمها بالزيتون المعمّر، خاصة تلك الواقعة ضمن منطقتي "الباطن" و"خلة البلد" في الجهة الشمالية من القرية، والمتاخمة لتلك المستعمرة، كانت وما زالت محط استهداف المستعمرة عبر ضخ كميات كبيرة من المياه العادمة من خلال عدة مضخات موزعة في أكثر من موقع ضمن أراضي القرية، وتحديدًا في تلك المنطقة، ما أدى إلى تضرر أكثر من 80 دونم مزروع بأشجار الزيتون المثمر، والمملوكة بموجب أوراق رسمية لما لا يقل عن 40 مزارعًا من القرية.
تجدر الإشارة إلى أن تلك المضخات متصلة بمحطة المعالجة الأولية التابعة للمستعمرة، والتي أُقيمت قبل ثمانية أعوام، حيث تُنقل المياه العادمة من المستعمرة إلى هذه المحطة، ثم تُضخ عبر عدة مضخات إلى أكثر من موقع ضمن حوض "الباطن" من أراضي قرية اللبن الغربي.
صورة للمضخات ومحطات المعالجة والتي تضخ المياه في الأراضي الزراعية
تسير هذه المياه لمسافة لا تقل عن 400 متر بين حقول الزيتون، مما أدى إلى غمر عدد كبير من الأشجار بالمياه العادمة، ووفقاً للمتابعة الميدانية، هناك ما لا يقل عن 45 شجرة زيتون تلفت ويَبِسَت بالكامل نتيجة غمرها بالمياه العادمة.
الحاج سليم عاصي صالح سالم (88 عامًا)، وهو أحد المزارعين المتضررين، أفاد قائلًا:
"منذ ثمانية أعوام وأنا أعاني يومياً من هذه المياه التي غمرت أجزاء كبيرة من أرضي، البالغة مساحتها عشرة دونمات، هناك ما لا يقل عن 30 شجرة زيتون تلفت بالكامل ويَبِسَت، وكانت تشكل لي مصدر دخل، وحتى ما تبقى من الأشجار، فإنه يُغمر جزئياً بالمياه العادمة بين الحين والآخر، مما دفعني إلى حفر قنوات لتصريف المياه العادمة في أرضي لتجنيب الأشجار الضرر، ولكن دون أي فائدة، حيث أرى أشجاري تتضرر يومًا بعد يوم بعين الحسرة".
لا شك أن موسم الزيتون الحالي (2024) كان صعباً على المزارعين في القرية، حيث غمرت المياه العادمة رقعة واسعة من الأراضي، ما منع المزارعين من جني ثمار الزيتون، كون تلك المياه تُعتبر بمثابة "سم" للأشجار.
المزارع المتضرر زكريا حرب سليمان راضي (45 عامًا) أفاد قائلًا:
"أمتلك أربعة دونمات في منطقة الباطن، مزروعة بأشجار الزيتون، وكانت تُنتج سابقاً ما لا يقل عن 120 كيلوغرامًا من زيت الزيتون، وهو مصدر أساسي لزيت الزيتون لديّ. لكن خلال العامين الماضيين لم أتمكن من جني أي ثمار بسبب غمرها بالمياه العادمة القادمة من المستعمرة، ما أدى إلى تلف المحصول".
صورة لطبوغرافية الأرض تساهم في اتساع رقعة التلوث على التربة والنبات
الخطر الحقيقي يتفاقم في فصل الشتاء، حيث تساهم طبوغرافية الأرض المنحدرة بشكل كبير في انتشار رقعة الأراضي المتضررة عند هطول الأمطار، مما يؤدي إلى أضرار واسعة تصيب الأراضي الزراعية.
انتشار الأعشاب البرية وانتشار الحشرات والقوارض.. عبء يواجه المزارع
الزائر للمنطقة يلاحظ انتشار أعداد كبيرة من الأعشاب البرية، خاصة عشبة الطيون، التي لم تكن موجودة في المنطقة سابقًا. كما أن المياه العادمة تُعد عامل جذب رئيسي للحشرات والقوارض، ما أدى إلى انتشار أمراض مختلفة في أشجار الزيتون، مثل "تدرّن أغصان الزيتون" و"بقع أوراق الزيتون"، مما زاد من كلفة المكافحة البيولوجية والأعباء المالية على المزارعين.
انخفاض جودة وكمية زيت الزيتون المنتج
لقد أدى ضخ كميات كبيرة من المياه العادمة إلى تفكيك جزيئات التربة وإفقادها المواد العضوية المهمة، مما أثر سلبًا على إنتاجية الزيتون. وبحسب المزارع عاكف سليمان راضي (51 عامًا)، فقد انخفض إنتاج زيت الزيتون بنسبة تزيد عن 60% مقارنةً بالسنوات السابقة، ما أثر على اقتصاد المزارعين الذين يعتمدون على محصول الزيتون في تأمين دخلهم الأساسي.
تهديد حقيقي للسكان القاطنين في المنطقة
تُظهر المتابعات الميدانية أن هناك ما لا يقل عن سبعة منازل ومنشآت تجارية تقع على مسافة قريبة من مواقع تصريف المياه العادمة، ما يجعل سكانها عرضة للأمراض وانتشار الحشرات والقوارض، خاصة في فصل الصيف، بينما في الشتاء، تختلط هذه المياه بمياه الأمطار، ما يؤدي إلى تسربها إلى المنازل المجاورة.
تضرر شبكة المياه في القرية
وفقًا للسيد ثائر زهدي عبد الله سالم، عضو المجلس القروي في اللبن الغربي، فقد تضرر جزء من شبكة المياه في القرية، خاصة المقاطع القريبة من مواقع تدفق المياه العادمة، حيث إن المياه الملوثة ذات الملوحة العالية تسببت في تآكل الأنابيب، مما استدعى إجراء صيانة دورية مكلفة للشبكة، وتسبب في زيادة نسبة الفاقد من المياه.
المتابعات القانونية:
رئيس مجلس قروي اللبن الغربي، السيد أحمد سمحان، أوضح أنه رغم حجم المعاناة، لم تتبنَّ أي جهة رسمية هذه القضية بشكل جدي، حيث اقتصرت المتابعات على التوثيق والمراسلات مع هيئة مقاومة الجدار والاستيطان والارتباط المدني الفلسطيني، دون تحقيق أي نتائج ملموسة. حتى أن أي دراسات حول تأثير هذه المياه العادمة على التربة والنباتات لم تُجرَ حتى الآن من أي جهة أهلية أو حكومية.
قرية اللُبَّن الغَرْبي:
تقع قرية اللبن الغربي على بعد 30كم من الجهة الشمالية الغربية من مدينة رام الله ويحدها من الشمال دير بلوط ومن الغرب رنتيس والخط الأخضر ومن الشرق عابود وبني زيد الغربية وقام على اراضي مصادرة من الجهة الشرقية مستعمرة ” بيت أريه” ومن الجنوب عابود و رنتيس ويحاصرها من الجهة الجنوبية مستعمرة ” عوفاريم”.
يبلغ عدد سكانها (1566) نسمة حتى عام ( 2017 ) م.
تبلغ مساحتها الإجمالية 10,779 دونم، منها 280 دونم عبارة عن مسطح بناء للقرية.
وصادر الاحتلال من أراضيها ما مساحته (2369) دونم وفيما يلي التوضيح:
1- نهبت المستعمرات من أراضي القرية مساحة (1126) دونم ، وهي:
اسم المستعمرة | سنة التأسيس | مساحة الأراضي المصادرة / دونم | عدد المستعمرين 2018 |
بيت أرييه | 1981 | 841 | 5,353 |
عوفاريم | 1988 | 285 | NA |
2- نهبت الطرق الالتفافية ما مساحته ( 602) دونم، وذلك لصالح الطريقين رقم 445 و رقم 446.
3- الجدار العنصري:
تصنيف الأراضي حسب اتفاق أوسلو للقرية:
– مناطق مصنفة B ( 305) دونم.
– مناطق مصنفة ) 10,474 ) دونم.
[1] المصدر: السلام الآن.