وفي سابقة خطيرة: الاحتلال يُبعد مواطن عن منزله ببلدة حلحول
الإنتهاك: إقامة مستعمرة وإبعاد مواطن عن منزله.
تاريخ الانتهاك: حزيران 2025م.
الموقع: جبل الجمجمة- حلحول/ محافظة الخليل.
الجهة المعتدية: المستعمرون.
الجهة المتضررة: أهالي بلدة حلحول.
تقديم:
ضمن سياسة الاستيطان المتسارعة في الضفة الغربية المحتلة، أعلنت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بتاريخ 28/5/2025م عن مصادقتها على إقامة ( 22) مستعمرة جديدة، فب عدة مناطق بأراضي الضفة الغربية.
ومن بين هذه المستعمرات، المستعمرة التي ستقام على أراضي بلدة حلحول شمال مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية، وعلى منطقة " جبل الجمجمة "شمال شرق البلدة.
فمنطقة الجمجمة ( جبل الجمجمة) ذات إطلالة مرتفعة، وتعتبر من أعلى المناطق في جنوب الضفة الغربية، وترتفع حوالي ( 1020 متراً) عن مستوى سطح البحر، وتطل على معظم بلدات وقرى شمال وغرب الخليل، وحتى أنها تطل على مناطق السهل الساحلي المحتل.
وبالعودة إلى الوراء، ووفقاً لبعض المواقع العبرية، فقد كان من المخطط إقامة مستعمرة على هذه التلة، في عهد حكومة " إسحاق شامير" ما بين ( 1986 – 1992)، إذ كان من المقرر أن تقام مستعمرة تسمى " كوخبا" على تلك التلة المرتفعة، لكن محادثات أوسلو وما تلاها من اتفاقيات ما بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال عطلت إقامة هذه المستعمرة (1).
لكن الأطماع الاستعمارية في هذه المنطقة لم تتوقف، فقد أقام جيش الاحتلال في الأعوام السابقة (نقطة مراقبة عسكرية) على سفح تلك التلة، وكان يقيم فيها من حين لآخر، فيما كان المستعمرون يؤمّون المكان من وقت لآخر، خاصة بعد اندلاع الحرب على غزة ( 7 أكتوبر 2023).
وبعد إعلان حكومة الاحتلال ومصادقتها على إقامة ( 22 مستعمرة) جديدة على أراضي الضفة الغربية، كانت منطقة الجمجمة ببلدة حلحول إحدى المناطق المستهدفة، حيث تم الإعلان عن إقامة مستعمرة إسمها " معالوت حلحول" على تلك التلة، رغم أن بعض المواقع العبرية "المناهضة للاستيطان" تشير إلى أن بعض المستعمرات المُعلن عنها ستقام على أراضٍ غير مصادرة بعد، ولم يتم إعلانها كـ َ"أراضي دولة"، ومنطقة الجمجمة في بلدة حلحول هي إحدى هذه المواقع (2).
وما إن تم الإعلان عن مواقع المستعمرات الجديدة؛ حتى قام المستعمرون بالسيطرة على تلك التلة، و جلبوا المنازل المتنقلة وبدؤوا بنصبها في الموقع، وأقاموا منشآت أخرى، وشقوا طريقا ترابياً في محيط البؤرة/ المستعمرة الجديدة، وفي الوقت الحالي – تاريخ اعداد هذا التقرير- تُقدر أعداد المنازل المتنقلة المقامة في الموقع بحوالي ( 15 مسكناً) بالإضافة الى عدد من المنشآت، وتُقدر مساحة البناء في المستعمرة بحوالي ( 20 دونماً)، فيما ضمت الطريق التي أقامها المستعمرون حول البؤرة حوالي ( 500 دونماً)؛ هي الأراضي الواقعة ما بين البؤرة في قمة التلة والأراضي الواقعة أسفلها.
![]() |
منظر لمستعمرة " معالوت حلحول" على جبل الجمجمة ببلدة حلحول
وبالنظر الى الموقع، فإن الطريق الرابط ما بين التلة المرتفعة والشارع المعبد ( طريق رقم 60) كان هو الطريق الزراعي الوحيد الذي يسلكه المزارعون للوصول الى أراضيهم، فعلى مقربة من الشارع المعبد ( قرب مدخل سعير) عمل المستعمرون على نصب بوابة معدنية، أغلقوا بها الطريق المؤدي للموقع، وعبر هذا الطريق يمر المستعمرون بمركباتهم وآلياتهم، فيقوموا بفتحها، وبعد المرور منها يغلقونها مرة أخرى، مع العلم بأن جيش الاحتلال قد أقام برجاً عسكريا ثابتاً لمراقبة المكان منذ ما يزيد على عشرين عاماً، وهذه النقطة العسكرية تبعد حوالي (50 متراً) عن البوابة المعدنية.
البوابة المعدنية التي نصبها المستعمرون
منع وصول المزارعين إلى أراضيهم:
ووفقاً لمزارعين وأصحاب الأراضي في المكان، فإن المستعمرين منعوهم من الوصول إلى أراضيهم والاعتناء بها وقطف ثمارها، فنحن نعيش فصل الصيف، حيث تنضج ثمار العنب واللوزيات التي تشتهر بها تلك المنطقة، وبالتالي فقد سيطر المستعمرون على كافة الأراضي وحرموا المزارعين من الوصول الى حوالي ( 4000 دونم) من كروم العنب واللوزيات والزيتون والأشجار الأخرى.
ووفقاً للمزارعين، فإن المستعمرين جلبوا قطيعاً من المواشي وبدأوا برعي أغنامهم في أراضيهم، وألحقوا فيها خراباً كبيراً، فمنهم من استطاع مراقبة أرضه عن بُعد، ولم يستطع حصر الأضرار التي ألمّت به، جراء منعه من الوصول إلى أرضه، ومنهم من حاول الوصول إلى هناك، لكن المستعمرون طاردوهم واستدعوا جيش الاحتلال للموقع، فقام جيش الاحتلال باحتجاز المزارعين لعدة ساعات، ثم أعلن المنقطة عسكرية مغلقة، وحظر عليهم العودة إلى أراضيهم.
المزارع عارف هاشم قرجة ( 61 عاماً)، أحد المزارعين المتضررين، وعضواً في لجنة الدفاع القانوني عن جبل الجمجمة، أفاد قائلاً:
"أملك قطعة أرض في منطقة الجمجمة، وقمت قبل عدة سنوات باستصلاحها على حسابي الخاص، وكلفتني نحو 45 ألف دولار، وقمت بزراعتها باللوزيات والعنب، وقد بدأت الأشجار بطرح ثمارها، وفي هذا الموسم باشرنا بقطف أوراق العنب لبيعها والاستفادة من مدخولاتها لأعيل أسرتي المكونة من 8 أفراد، لكن المستعمرين هاجمونا في الموقع، وكسروا البوابات في الجدار المحيط بالأرض، ورعوا الأشجار بأغنامهم أكثر من مرة، وقام الجيش باعتقالي أنا وعدد من المزارعين، وروّعوا أبنائي، ولم نتمكن من قطف سوى كميات قليلة من ورق العنب، ولم نعد إلى أرضنا منذ ذاك الحين، ولا نعلم ماذا حل بها".
وأوضح قرجة أن ملكية الأراضي التي أقيمت عليها المستعمرة الجديدة، والأراضي المحيطة بها، والتي يعتدي عليها المستعمرون، تعود لمواطنين من بلدة حلحول منهم عائلات: (الشباك، حنيحن، مرعب، جلّق، منصور، عمران).
وتجدر الإشارة إلى أن أعمال البناء، وإقامة البنى التحتية وأبراج الاتصالات لا تزال مستمرة في المكان، وتشهد المنطقة حركة نشطة لشاحنات نقل مواد البناء، وحركة لرافعات ضخمة قامت ببناء برج للاتصالات على ما يبدو.
كما تجدر الإشارة إلى أن سلطات الاحتلال كانت قد استهدفت، بتاريخ 22/1/2025م، مساحات من أراضي منطقة الجمجمة، عبر توجيه إخطارات بإخلائها بحجة تصنيفها أراضي دولة، للمزيد راجع تقرير مركز أبحاث الأراضي التالي:
إخطارات بإخلاء أراضي زراعية وبوقف العمل في مساكن ببلدة حلحول شمال الخليل
وفي تاريخ 31/3/2025، عملت سلطات الاحتلال على تجريف عدد من قطع الأراضي التي استهدفتها بإخطارات الإخلاء، للمزيد راجع التقرير التالي:
الاحتلال يجرف أراضي ويهدم منشآت زراعية في موقع الجمجمة ببلدة حلحول شمال الخليل
الاعتداء مسكن مواطن وإبعاده عن منزله:
في أسفل الجبل المُستولى عليه والذي أقام المستعمرون البؤرة على سفحه، تقطن عائلتين لمواطنين اثنين من بلدة حلحول، هما عائلة المواطن وليد عبد الكريم مرعب، وعائلة المواطن سمير محمد كراجة، ويكاد المنزلين والمنشآت الزراعية الملحقة بهما يشكلان حي نائي بعض الشيء، ويبعدان عن أقرب حي فلسطيني أو أقرب منزل فلسطيني نحو (200م) جهة حي النبي يونس شمال شرق بلدة حلحول.
منظر لمنزل المواطن وليد مرعب والبؤرة الإستعمارية أعلى الموقع
فيقيم المواطن وليد مرعب في منزله مع أبناءه الـ 7من بينهم 3 ذكور، أحدهم متزوج ولديه 3 أطفال، وحول منزله دفيئة زراعية على مساحة 800م2، وبعض المزروعات المكشوفة وعدد من أشجار العنب واللوزيات، المنتشرة على مساحة حوالي 3 دونمات.
ووفقاً لإفادة المواطن وليد مرعب ( 63 عام) فإن المستعمرين الرعاة قد جلبوا قطيع المواشي للرعي بالقرب من منزله عدة مرات، وحتى أنهم وصلوا إلى باب المنزل ورعوا المزروعات هناك والحقوا أضراراً كبيرة في الأشجار جراء الرعي الجائر.
وفي تاريخ ( 13/7/2025)، في حوالي الساعة 11 ظهراً، عاد المستعمرون إلى محيط منزل المواطن مرعب، وكان عددهم ثمانية وفقاً لإفادته، وكان من بينهم أطفال، فتوجه مرعب إلى البرج العسكري المقام على مقربة من الموقع على بُعد حوال 200 متر ( على المفرق المؤدي إلى مدخل بلدة سعير) طالباً من الجنود التدخل لإبعاد المستعمرين عن أرضه ومنزله ومزروعاته، وأن الجنود رفضوا التعاطي معه، فعاد إلى منزله ولحق به ثلاث جنود، ثم وصلت دورية لشرطة الاحتلال إلى المكان وكان فيها شرطيان، وشرح لهما الاعتداءات التي قام بها المستعمرون على منزله وممتلكاته، وأشار إلى الأضرار الزراعية التي لحقت بمزروعاته، فأجابه الشرطي أنه " مسموح للمستوطن أن يرعى في هذا المكان".
وقال مرعب:
" قام الجنود باقتياد أبنائي إلى داخل المنزل، وأخذوا منهم الهواتف النقالة ومسحوا الفيديوهات التي صوروها لاعتداء المستعمرين، وحققوا معهم داخل المنزل، ثم طلبوا مني التوجه للتقدم بشكوى خطية في مركز الشرطة بمستعمرة "بيتار عليت" المقامة على أراضي غرب بيت لحم".
وأضاف المواطن مرعب في إفادته:
" اقتادتنا شرطة الإحتلال أنا ونجلي الدكتور معتصم (26 عام) والذي يعمل طبيباً في وزارة الصحة الفلسطينية؛ إلى مركز الشرطة المذكور، وبعد الانتظار لمدة من الزمن، ادخلوا نجلي إلى غرفة التحقيق، وبعد نحو ساعة، أخرجه الجنود من الداخل، وجرى تكبيل يديه وتعصيب عينيه، وأبلغوني أنه معتقل بدعوى وجود شكوى ضده من قبل أحد المستوطنين المقيمين في البؤرة، يدّعي فيها بأن نجلي قد إعتدى عليه، بعد ذلك، تم إدخالي إلى قسم التحقيق، ودار جدال بيني وبين المحقق حول ما جرى في محيط منزلي، وبعد أخذ الشكوى مني، قال لي المحقق: "عليك التوقيع على هذا القرار"، والذي جاء فيه أنني "أشكّل خطرًا على حياة جنود دولة إسرائيل، وأُخلّ بالأمن العام، وألقيت الحجارة على المستوطنين"، وأنه سيتم إبعادي عن مدينة حلحول لمدة 15 يومًا تنتهي بتاريخ 29/7/2025، قابلة للتمديد إلى 180 يومًا أخرى، مع غرامة قدرها خمسة آلاف شيقل في حال ثبت أنني دخلت مدينة حلحول خلال مدة الإبعاد، كما أبلغوني أن القرار سيُنفّذ فورًا، بشرط دفع مبلغ ألف شيقل ككفالة لإطلاق سراحي وخروجي من مركز الشرطة، فاتصلت بمحامٍ أعرفه، وأحضر مبلغ الكفالة، فقمت بدفعها، وطلبت من المحقق أن أذهب للمنزل من أجل إحضار ملابسي على الأقل، لكنه رفض، وقال لي إن القرار أصبح ساري المفعول، وأبلغني أنه يجب عليّ الآن إحضار اسم الموقع والمنزل الذي سأقيم فيه (مكان الإقامة الجديد)، سواء في مدينة الخليل أو بيت لحم، فتواصلت مع أحد أقربائي الذي حضر إلى مركز الشرطة، واستطاع تأمين شقة لي في مدينة الخليل، تعود لأحد المواطنين من المدينة، وطلبت الشرطة إرسال نسخة من هوية مالك الشقة ورقم هاتفه للتأكد قبل مغادرتي المركز، وقال لي المحقق أنه قد يتم الاتصال بي لاحقًا للحضور إلى مقر الشرطة في "بيتار عيليت" في أي وقت، كما اشترطوا علي عدم خروج أي احد من أفراد عائلتي إلى خارج المنزل خلال مدة إبعادي، وقد خرجت من مركز الشرطة في تمام الساعة الثانية فجرًا من يوم 14/7/2025، لكن بطاقة هويتي الشخصية لا زالت محتجزة لدى الشرطة لحين إنتهاء مدة إبعادي عن منزلي، ومنذ ذلك الحين، أتواصل يوميًا مع أبنائي الذين يبلغونني أن المستوطنين يتجولون في محيط المنزل ويدخلون أغنامهم إلى الأرض لرعي الأشجار، كما جف محصول الخيار في الدفيئة الزراعية جراء منع الاحتلال وصول صهاريج المياه إلى منزلي.
الخارطة أعلاه موضح عليها موقع البؤرة الاستعمارية وفي أسفل الجبل مساكن المواطنين من عائلة مرعب - حلحول
(1) موقع amudanan في الانترنت.
(2) موقع كرم نابوت، على فيس بوك، تقرير بعنوان الخدعة 22 منشور بتاريخ 9 حزيران 2025م.