2021-01-05

الهدم الذاتي في ظل كورونا جريمة مضاعفة بحق الإنسانية


Image title

توطئة:

(( لوحت شذى لزميلاتها في المدرسة وهي تركض عائدة للبيت، يقرص معدتها الجوع وتعلم أن أمها ستطبخ لهم اليوم المقلوبة التي تشتهي ، فوالدها اليوم لن يذهب للعمل بسبب عيد العرش اليهودي ، قالت لنفسها سيتلقفني أبي حال وصولي البيت في حضنه ففي الصباح عندما خرجت للمدرسة كان يغط في نومه .. آآآه كم أحبك يا أبي، وكم أتمنى لو كان عملك قريب وغير مرتبط بورشات العمل لدى الاحتلال ، سألته يوماً :- لماذا تعمل عند اليهود ؟؟؟ إبتسم وقال :- وهل لي عمل آخر؟؟ أنا عامل بناء وليس لي فرص أخرى، و.. تنهد .. قلت له يومها :- عندما أكمل تعليمي سأعمل مشروعاً كبيراً وأجعلك المدير العام للمشروع ... ضحك وقال: وأنا سأظل أنحت الصخر حتى تحصلين على أعلى الشهادات.. ما أروعك بابا فأنت أملي في الحياة وأنت مثلي الأعلى ...

توقفت شذى عند مفرق الشارع بانتظار سيارة مسرعة، ثم قطعت الشارع وإنحرفت لليمين باتجاه طريق عين سلوان وأسرعت خطاها باتجاه البيت المختبئ في فرع جانبي خلف شارع العين، مرَّت ببيت جيرانهم فشاهدت جارتهم أم محمد تقف ضاربة كف على كف ، خافت من منظرها فقد كانت عيناها متعلقة بشذى،"مرحبا خالتو" قالت شذى، بقي وجه الجارة مكفهراً وتمتمت "كان الله في عونكم" ..!!! استغربت شذى لكنها لم تهتم واصلت السير صعوداً وبدأ العرق يتصبب من جبينها، سرحت شذى قليلاً وقالت في نفسها:- يجب أن آخذ حماماً قبل الغداء.. وتبسمت بفرح فقبل أن يبني لهم والدها الغرف الإضافية للبيت غرفتي نوم ومطبخ وصالة ، كانوا يستخدمون غرفة واحدة قديمة من زمن جدها، حينذاك كانوا يستحمون مرة واحدة في الأسبوع في "اللكن" ويسخنون الماء على الغاز..  

تنهدت شذى تنهيدة فرح وقالت لنفسها :- مضت تلك الأيام الصعبة لحال سبيلها فأنا الآن لدي حمامي الخاص في غرفتي الخاصة وأستحم في كل يوم ومتى ما شئت ولدينا ماء ساخن من الحمام الشمسي، ما أعظمك يا أبي لقد جعلني أختار معه حتى لون البلاط وأثاث الغرفة.. سريري ومكتبي الصغير ورف الكتب قال لي يومها:- من هذه الغرفة ستخرج للكون عالمة فلسطينية مشهورة أسمها شذى .. احتفلنا يومها بسعادة لا توصف ..

اقتربت شذى من فناء البيت فإذا بعدد من الجيران يقفون وينظرون بأسى والدموع في عيونهم ، وجارتهم أم سلامة تصرخ : "حسبي الله على إسرائيل وإللي جابها علينا" ، فجأة.. تحجرت شذى وتوقفت كأنها في كابوس حلم ثقيل ، مشهد صعقها وجمد الدماء في عروقها، حاولت الإقتراب لم تستطع تحريك قدميها ، حاولت الصراخ فلم يخرج صوتها ، لم تعد تسمع أصوات الناس المتجمهرين .. لم تصدق ما ترى .. والدها يهدم في بيتهم الإضافي الجديد وغرفتها أصبحت كومة من الردم ، والدتها تبكي بصمت وأخفت وجهها بكلتا يديها عندما لمحت إبنتها !!! ووالدها يضرب بمعوله بعنف شديد وبكل قوته !!! أدار ظهره لها عندما رآها وواصل الهدم بعنف أشد !!!

Image title

يا إلهي .. ماذا يحدث ؟؟ وما الذي جرى ؟؟ متى أغضبته لينتقم مني ويهدم غرفتي ؟؟؟ هذا ليس أبي ، أبي لا يفعلها ، هذا شخص آخر شرير لا أعرفه.. يا إلهي ما لي أشعر بثقل الجبال على ظهري تذكرت الحقيبة أنزلتها نظرت إليها فأنا لا أعرفها !! من أين جاءت لظهري !؟ تكاد تخنقني، قذفتها بعيداً عني كشيء كريه يتربص بي .. ألقيت بحقيبتي وانهارت كل أحلامي وشعرت بالسواد يحيط بي من كل جانب، المرار في حلقي ، ورجل غريب يهدم بيتي .. أصابني فزع شديد انسحبت بصمت وهربت الى حيث شجرة البلوط في سفح الجبل على أرض الثوري ، سأختبئ داخل قشرة بلوط .. علَّ طيراً يلتقطني ويأخذني إلى حيث لا أدري ... ))


هنا تنتهي قصة شذى، وفي كل يوم هناك أكثر من شذى تذرف الدمع وتفقد الأمل وتتبخر من الحلم إلى حيث ضياع لا قرار له ...

جريمة الهدم الذاتي ... ابتزاز وإذلال !!!

سيكتب التاريخ يوماً أن جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني لم تكن مسبوقة في كل عصور الظلام منذ نشأة الخليقة حتى القرن الحادي والعشرين قرن التشدق بحقوق الإنسان.

فبعد احتلال الأرض الفلسطينية وهدم مدن وقرى ومحوها من الوجود، وطرد أصحابها الأصليين منها وتهجيرهم عنوة، وبعد قتل المدنيين الفلسطينيين واستباحة دمائهم صبح مساء، وبعد اعتقال حتى الأطفال والمسنين، وهدم البنايات السكنية فوق ساكنيها، وبعد سرقة التراث والهوية وحتى العادات والتقاليد والفلكلور والأكلات الشعبية...

بعد كل ذلك ... تفتق العقل الصهيوني الشرير عن أسلوب تهديم لروح الإنسان الفلسطيني وهزيمة حقه في الحياة سعياً خلف إذلاله وقتل نخوته وكرامته ... بإجبار أصحاب المساكن غير المرخصة من الفلسطينيين بهدم بيوتهم بأيديهم.

هذا الأسلوب البشع الذي استشرى في القدس وها هو يتمدد لمحافظات الضفة الغربية.

ولعل عقدة اليهود في التاريخ الذين هدموا بيوتهم بأيديهم ما زالت تلطخهم، فها هم يسعون اليوم وبكل سادية لتطبيقها على الفلسطينيين عنوة.

فالفلسطيني الذي يضطر للبناء بدون ترخيص لانعدام أمله بالحصول على رخصة من هذا الاحتلال المجرم يتعرض للهدم بكل قسوة وسادية وابتزاز من قبل أجهزة الاحتلال.

لكن أن يجبروا صاحب المنزل رب الأسرة على هدم منزله بيده ... ويجعلوه يتشرب المذلة قطرة قطرة مع كل حبة رمل تنهار من منزله ... أن يهدم مأوى أطفاله أمام أعينهم وهو الذي يشكل في نظرهم رمز الأمان ...! أي مهابة تبقى للوالد في نظر أبناءه وأسرته وهم يرونه -يعريهم- لصقيع الشتاء وحر الصيف؟! ... وهو يلقي بخصوصياتهم وأحلامهم إلى قارعة الطريق...

لكن بالمقابل فهذا الأب المكلوم أصبح على مفترق بين أن يهدم مسكنة بيده ويخسر بيته ومعه شيئاً من روحه، أو أن يخسر بيته ويضيف لذلك غرامات هدم الاحتلال لبيته والتي تتجاوز تكاليف البيت، حيث سيدفع للجيش والحراس والعمال ومقاول الهدم ولكلب الحراسة، وعليه أن يقوم بعد ذلك بإزالة الركام وإلا سيتغرم مجدداً.

فما هو الهدم الذاتي :-

تعريف :-

هو أن يقوم صاحب المنشأة "مجبراً" على تنفيذ عملية هدم مسكنه أو منشأته بنفسه بصمت، وهذا النمط من الهدم كان يتم بصمت في الخفاء دونما إعلام ، يتم في الظلام حرجاً وخجلاً في أن يصرح المواطن بأنه "خرب بيته أو منشأته بيده.

رغم أن أعداد حالات الهدم هذه كثيرة إلا أنها اليوم في ازدياد مما دفع المواطنين ضحايا الهدم "الإجباري الذاتي " بالتصريح عنها وفضحها.

كيف يتم إجبار المقدسي هدم بيته !؟ :-

يستهدف هذا النوع من الهدم أهالي القدس المحتلة ويعتبر من الخروقات الصارخة للحق في السكن وجريمة في حق الإنسانية لا يقبلها أي منطق.فذريعة الاحتلال بإصدار هذه القرارات :- " البناء بدون ترخيص" ...

((بيتك قائم بدون ترخيص فهو غير قانوني وعليك هدمه وإزالته في أقرب فرصة، وأن تقوم بتصوير البناء بعد هدمه وتسلمها إلى قسم التفتيش عن البناء والتنظيم في البلدية، وعليك تحديد تاريخ كسقف زمني تنفذ فيه هدم بيتك أو الجزء المخالف منه – هذا التاريخ يعتبر خطاً أحمراً لا يمكن تجاوزه أو تأجيله -، وفي تاريخ تحدده البلدية لاحقاً ستنعقد محكمة البلدية للشؤون المحلية للنظر في عدم تنفيذك قرار الهدم وستفرض عليك غرامة مالية، وستقوم البلدية بهدم وإزالة بيتك على نفقتك أي انك ستدفع كافة تكاليف تنفيذ قرار الهدم إلى بلدية الاحتلال، وإذا لم تدفع ستُسجن إلى حين دفع كل ما هو مطلوب منك))

الكثير من المقدسيين - لا سيما الفقراء منهم - يضطرون لهدم مساكنهم بأنفسهم لتقليل الخسائر الناجمة عن هدم الاحتلال وغراماته غير المحدودة.

ماذا يفعل الاحتلال في حال عدم قيام المالك الفلسطيني بهدم مسكنه بيده؟؟

يقوم الاحتلال بالهدم دون إخطار وفي وقت قريب ومفاجئ، غالباً في ساعات الفجر الأولى قبل بزوغ الشمس.

يحاصر جيش الاحتلال وشرطته العسكرية الحي السكني الذي يحوي المسكن المستهدف بقوات مدججة، ويفرض منعاً للتجوال ويحتجز سكان الحي في مساكنهم لحين انتهاء عملية الهدم.

يلقي الكثير من قنابل الغاز السام والرصاص المغلف بالمطاط والمعدني اتجاه أي مواطن أو جيران يحاولون الخروج من منازلهم أو التجمهر أو وقوفهم على أسطح منازلهم المجاورة.

يمنع الصحافة ويمنع التصوير ويصادر أي كاميرا أو جهاز خلوي يستخدم لتصوير عملية الهدم ويعتقل من يقوم بذلك.

يتم تكليف شركة هدم خاصة بالقيام بكل ما يطلبونه منهم – سنأتي على تفاصيل ذلك لاحقاً-.

يتم الإيعاز لسائقي الجرافات بتخريب مساحات أكبر للمنطقة يتجاوز هدم المسكن المستهدف، مما يؤدي إلى تصدع مساكن الجيران ومحلاتهم، وتقطيع شبكات المياه أو الهاتف أو الكهرباء وتدمير الطريق المؤدية للسكن، وهذه أضرار تُعقّد حياة وظروف الحي السكني برمته، وتكبدهم خسائر وغرامات مستقبلية.


يقوم الاحتلال أثناء حملة الهدم بما يلي:

  • استئجار مقاول هدم، ومعه عمال لتفريغ المسكن، وكل ذلك يقيّد على نفقة صاحب المسكن.

  • تكليف قوة عسكرية لمرافقة المقاول لحمايته ومعها كلاب بوليسية (وهذه أيضاً لها تكاليف عالية تقيد على صاحب المسكن المستهدف بما فيها أثمان قنابل الغاز والصوت والرصاص المطاطي التي تستخدم أثناء عملية الهدم)

  • أثناء عملية تفريغ المسكن من قبل عمال شركة الهدم تتم عملية تحطيم للأغراض والأثاث والأجهزة بصورة متعمدة.

  • الكلاب البوليسية وبإيعاز من القوة العسكرية تقوم بالاعتداء على المواطنين الذين يقتربون خاصة أصحاب المسكن نفسه.

  • غالباً ما يتم ضرب أفراد الأسرة – رداً على غضبهم واحتجاجهم- ويتم اعتقال بعضهم ولا يفرج عنهم إلا بدفع غرامات أخرى وبكفالات باهظة.

يقدمون للأسرة فاتورة هدم تحوي التكاليف التالية:

  • تكاليف المقاول والجرافات وأجور العمال.
  •  تكاليف الحراسة وكافة مستلزماتها العسكرية.
  • تكاليف استئجار كلاب الحراسة.
  • تكاليف مخاطرة.
  • أمر بإزالة الركام (الطمم) خلال 48 ساعة وإلا سيتم فرض غرامة تتصاعد يومياً إذا لم ينفذ المالك ذلك.
  • غرامة مالية عقابية تفرض على صاحب المسكن لعدم انصياعه لأمر بلدية الاحتلال بهدم مسكنه بنفسه.


الهدم الذاتي في القدس بالأرقام :-

وثق مركز أبحاث الأراضي خلال الـ 11 عاماً  هدم 270 مسكناً مقدسياً قد تم هدمها بأيدي مالكيها مرغمين تحت وطأة التكاليف الباهظة وعجز المالكين عن مواجهة هذه الساسات السادية، وقد أثر ذلك على ما يزيد عن 1444 فرداً أصبحوا بلا مأوى منهم 726 طفلاً.

يوضح الجدول التالي عدد المساكن التي أُجبر أصحابها على هدمها حسب السنوات في شرقي القدس:

السنوات

عدد المساكن

المسطح بالمتر المربع

عدد أفراد الأسرة

عدد الأطفال

2010

13

827

102

61

2011

15

700

88

56

2012

14

984

92

53

2013

13

822

107

64

2014

11

605

88

31

2015

6

380

31

14

2016

28

1999

125

56

2017

17

1325

90

55

2018

20

1976

125

65

2019

39

3045

174

82

2020

947019422

189

المجموع الكلي

270

19682

1444

726

  • المصدر: توثيق ميداني مباشر – قسم مراقبة الانتهاكات الإسرائيلية – مركز أبحاث الأراضي – جمعية الدراسات العربية، للسنوات (2010 – 2020)

Image title

يوضح الرسم البياني عدد المساكن المهدومة – هدماّ ذاتياً- خلال السنوات الماضية (2010 -2020)

هدف الاحتلال من استخدام هذا النوع من الهدم في القدس المحتلة:

  • تهجير الفلسطينيين من القدس المحتلة لتصبح ذات غالبية يهودية.

  • تُظهر أن الفلسطينيين يهدمون بيوتهم بأنفسهم اعترافاً منهم بخطئهم.

  • يبرئ الاحتلال نفسه – شكلاً - من جريمة الإخلاء والهدم.

  • يوفر الاحتلال على نفسه تعقيدات إجراءات ومواجهات واحراجات الهدم.

  • التأخر في تنفيذ الهدم الذاتي يشكل مصدر دخل مربح للاحتلال ( إصدار مخالفات بعشرات آلاف الشواقل).

  • تخفي العدد الحقيقي لأعمال الهدم الصامت ”الذاتي“.

  • تترك آثار نفسية صعبة على الأسر الفلسطينية.

  • إسقاط عقدة يهودية تاريخية مزمنة حيث لطخوا جبين التاريخ بأنهم (( يخربون بيوتهم بأيديهم)).

الآثار السلبية التي تلحق بالأسرة عند تنفيذ عملية الهدم الذاتي:

يعد الهدم الذاتي من أشد أنواع الهدم ألماً وقهراً ... ليس كالهدم الذي ينفذه الاحتلال ... فعند قيام الاحتلال بهدم المسكن فالأسرة تبقى متماسكة حاقدة على الاحتلال خاصة الأطفال ... بينما عندما ينفذ أمر الهدم رب الأسرة ويهدم المسكن الذي يأوي أسرته تُظهره أمام أبنائه بأنه ضعيف لا يحميهم ولا يوفر لهم الأمن والأمان مما يجعل الأسرة مفككة تشعر بعدم الاستقرار (( فرب الأسرة الذي من المفروض أن يحميهم ويبني لهم مأوى يلائمهم يقوم بهدم مأواهم)) ... فلذلك يحبط الأطفال نفسياً ويعيشون حياة ممزقة مأساوية تنعدم فيها الثقة بالأسرة والمجتمع وبالتالي الثقة بالمستقبل، بالإضافة إلى ذلك الخسائر المادية التي سيتكبدها المواطن، وشقاء عمره كله يذهب هدراً.


خلاصة :-

عندما يراجع الباحث المعاهدات والاتفاقيات الدولية ومواثيق حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني .. لا يجد نصاً صريحاً يناقش أو يقدم فتوى قانونية وحقوقية بخصوص جريمة إجبار مواطني الأراضي الواقعة تحت الاحتلال على هدم مساكنهم بأيديهم ... علماً بأن هذه المعاهدات قد جرِّمت انتهاكات أدنى من ذلك بكثير، والسبب هو أن من صاغوا هذه المعاهدات لم يكن ليخطر ببالهم هذا الصنف من جرائم قد يقوم بها أي احتلال مهما كان جبروته وساديته، حيث لم يسجل التاريخ مثل هذه الجرائم الغريبة والتي لم تخطر على بال أعتى الشياطين.

لذلك فإننا من فلسطين ومن خلال هذه الدراسة ندعو خبراء القانون الدولي الإنساني ونشطاء حقوق الإنسان في العالم بدراسة هذه الجريمة والقيام بحملة دولية من أجل تجريمها ومعاقبة أي دولة إحلال تقوم بها.

وتأكدوا أن العالم إن ظل صامتاً على هذه الجرائم .. سيكون كأنه يدفع شعب فلسطين نحو اليأس، واليأس وحش كاسر لا يقبل شعب فلسطين أن يصبحه لأنه شعب حضارة إنسانية متجددة.



This report was published within the framework of the project:
Protection of Marginalized Communities in East Jerusalem Through Legal Aid, Planning and Advocacy
Image titleImage title
This publication has been produced with the financial support of the European Union (EU) through the Jerusalem Human Rights Consortium (JHRC).
Its contents are the sole responsibility of the authors and do not necessarily reflect the views of the JHRC, LRC or the EU.
Image title