2006-02-02

تدمير إسرائيل مقبرة " مأمن الله" في القدس.. هو عملية تطهير عرقي للموتى

تقرير خاص إعداد

قسم مراقبة الانتهاكات الاسرائيلية - مركز أبحاث الأراضي 

Image title  

طلع علينا الاحتلال الإسرائيلي في الأسبوع الأول من كانون الأول 2005 بجريمة أخرى، عندما شرعت جرافاته وعماله وجنوده بتدمير مئات القبور وإهانة كرامة الموتى، بحجة إقامة ما يسمى " مركز الكرامة الإنساني" – متحف التسامح في مدينة القدس على ما تبقى من ارض مقبرة " مأمن الله"، وفي 29 تشرين أول 2008 قررت المحكمة العليا الإسرائيلية قراراً يشرع الاعتداءات على حرمات المقابر وتدمير القبور ونبش هياكل الموتى لصالح الشركة الإسرائيلية المتعهدة لأعمال الحفر والتجريف في المقبرة الإسلامية، إنها جريمة أخرى من أعلى مرجع قضائي للاحتلال بحق الأموات وكرامتهم، ومن لا يحترم قدسية الحياة للأحياء وكرامتهم ويقتل منهم الآلاف من أطفال ونساء وشيوخ أبرياء، فمن الطبيعي ان لا يحترم كرامة الموتى، ومتى كان التسامح يبنى على استفزاز مشاعر الآخرين بالاعتداء على مقدساتهم ورموزهم الدينية وعلى مراقد أمواتهم؟!.

Image title

صور لبقايا  مقبرة " مأمن الله" قبل الحفريات الأخيرة

مقبرة " مأمن الله" موقعاً ومساحة:

تقع مقبرة " مأمن الله" والتي يسميها البعض " ماميلا " غربي مدينة القدس القديمة على بعد 2 كم من باب الخليل، وهي اكبر مقبرة إسلامية في القدس وتقدر مساحتها بـ 200 دونماً-( بينما سجلت المقبرة في دائرة الأراضي – الطابو – الفلسطينية بتاريخ 22/3/1938 بمساحة 134,560 دونماً، واستصدر بها وثيقة تسجيل أراضي – كوشان طابو ضمن أراضي الوقف الإسلامي دون احتساب الجزء الباقي من ارض وقفها التي أقيم عليها بناية الأوقاف في بداية العشرينات ومقبرة الجبالية التي يفصلها الشارع عن المقبرة).

مقبرة " مأمن الله" في عمق التاريخ :

 ساير تاريخها تاريخ المدينة، ويذكرها المؤرخ الفلسطيني عارف العارف صاحب " المفصل في تاريخ القدس" انها أقدم مقابر القدس عهداً وأوسعها حجماً وأكثرها شهرة، وترى دائرة الأوقاف الإسلامي ان المقبرة تعود 1400 عام، ففيها مسح سليمان ملكاً عام (1015 ق.م)، وفي هذا المكان عسكر سنحاريب ملك الآشوريين عندما دخل القدس عام ( 710 ق.م)، وفيها ألقى الفرس بجثث القتلى من سكان المدينة عندما احتلوها عام ( 614 ق.م)، وفيها عدد كبير من الصحابة والمجاهدين أثناء الفتح الإسلامي 636م، وفي المكان ذاته عسكر صلاح الدين الأيوبي يوم جاء ليستعيد القدس من الصليبيين عام (1087 م).

ويرجح المؤرخون أن تاريخ الدفن الإسلامي في المقبرة يعود إلى ما قبل الصليبيين وان الصليبيين عندما احتلوا القدس قتل فيها 70,000 من الرجال والنساء والأطفال وإنهم أمروا من تبقى من المسلمين في القدس بدفن الشهداء في مقبرة " مأمن الله " وقد وجدوا بها حينذاك مقابر وأنفاق فوضعوا جماجم الشهداء فيها، وعلى العموم فان المقبرة تحوي رفات أكثر من 70,000 صحابي وعالم وشهيد منهم: الأمير عيسى بن محمد العطاري الشافعي وهو احد كبار مستشاري السلطان صلاح الدين الأيوبي توفي عام 585 هجري  ، والشيخ شهاب الدين أبو العباس عالم فقه ونحوي توفي عام 728 هجري،  والعالم احمد ابن حامد الأنصاري المقدسي الذي عرض عليه قضاء القدس، فأبى زاهداً وتوفي عام 854 هجري، والعالم قاضي القضاة شيخ الإسلام محمد بن جمال الدين الديري بن عيسى الحنفي من قضاء نابلس سكن القدس لأكثر من 50 عاماً وصار من علمائها وفقهائها ومدرسيها وتوفي عام 827 هجري .

أحيطت المقبرة في أواخر العهد العثماني عام 1847 م بسور ارتفاعه مترين، واستمر المسلمون في دفن موتاهم فيها حتى عام 1948 رغم أن المجلس الإسلامي الأعلى أصدر حظراً على دفن الموتى فيها عام 1929 بسبب اكتظاظها واقتراب العمران منها، ودرج المجلس الإسلامي الأعلى على العناية بها وإزالة الضرر عنها وقلع الأعشاب منها وزرع الأشجار على جانبي الطرق داخل المقبرة.

وتعرضت المقبرة في بداية الثلاثينات لانتهاكات متكررة، وفي عام 1933 وضع مخطط لمقبرة " مأمن الله" وهو في جوهره يقتطع منها جزء للبناء السكني وآخر للتجاري والثالث يكون حديقة عامة، ورابع يبقى مقبرة، ونفذ الجزء الأكبر من هذا المخطط في الستينات وما بعدها.

Image title

احد المباني السكنية بين قبور مقبرة " مأمن الله"

نكبة ... احتلال ... وطمس – وإزالة  للمعالم -

احتلت المنظمات الصهيونية المسلحة عام 1948 الجزء الغربي من القدس فسقطت من ضمنها مقبرة الشهداء والعلماء مقبرة " مأمن الله"، وفي نفس العام أعلن قيام دولة إسرائيل التي بدورها أقرت  قانوناً بموجبه تعتبر جميع الأراضي الوقفية الإسلامية وما فيها من مقابر ومقامات ومساجد  -بعد الحرب أي النكبة - بأراضي تدعى " أملاك الغائبين" ويديرها " حارس أملاك الغائبين" وله حق التصرف بها، وبذلك أصبحت مقبرة " مأمن الله" ضمن " أملاك حارس أملاك الغائبين" لدى " دائرة أراضي إسرائيل " ، ومن ذلك الحين دأبت إسرائيل على تغيير معالم المقبرة وطمس كل اثر فيها حتى لم يتبقى فيها سوى اقل من 5% من القبور الموجودة فيها، وقدرت المساحة المتبقية فيها بحوالي 8% من المساحة الأصلية – أي حوالي 19 دونماً -.

في عام 1967 حولت المؤسسة الإسرائيلية جزء كبير من المقبرة إلى حديقة عامة دعيت " حديقة الاستقلال" حيث جرفت أراضي المقبرة ونبشت القبور وهياكل الموتى فيها، وشقت الطرق في أجزاء منها، وتم البناء على أجزاء اخرى.

وفي عام 1985 أقامت وزارة المواصلات موقفاً للسيارات على قسم كبير منها، وفي 15/1/2000 قامت شركة الكهرباء الإسرائيلية بحفريات في المقبرة اعترضت عليها دائرة الأوقاف الإسلامية العامة في حينه ( راجع وثائق دائرة الأوقاف الإسلامية العامة منذ 1933 وحتى اليوم)، ويستخدم جزء من المقبرة حتى اليوم كمقر رئيسي لوزارة التجارة والصناعة الإسرائيلية.

وفي عام 1992 نقلت مسؤولية مقبرة " مأمن الله" من " حارس أملاك الغائبين" إلى سيطرة بلدية القدس -(المصدر: صحيفة هآرتس تقرير يوناثان ليس)- التي برع رؤساؤها من تيدى كوليك وايهود اولمرت وحتى اليوم في إزالة معالم المقبرة كما يعملون على إزالة معالم المدينة المقدسة بكاملها.

وفي شهر 9/2002 أعلنت المؤسسة الإسرائيلية عن نيتها إقامة مبنى – مجمع – للمحاكم الإسرائيلية في منطقة المقبرة سعياً منها لمسح المقبرة نهائياً.

في الثاني من أيار 2005 حضر حاكم ولاية كاليفورنيا وزوجته لوضع حجر الأساس للمتحف وجاء في خطابه: (( قبل ثلاثة آلاف عام وقف الملك سليمان على مكان كهذا حتى يبني الهيكل، ونحن على نفس التقليد من الأمل نقف اليوم هنا وهذا المتحف سيكون المعبد، الهيكل الذي يرشدنا)).


وفي الأسبوع الأول من شهر كانون أول 2005 عاود الاحتلال الاعتداء على حرمة الموتى وقبورهم في مقبرة " مأمن الله"، فقامت الجرافات الإسرائيلية وأكثر من 140 عاملاً بتجريف ارض المقبرة ونبش القبور وإهانة كرامة الموتى تمهيداً لإقامة مشروع أمريكي إسرائيلي بواسطة شركتين هما: " سيمون فيزنطال سنتر" وشركة أخرى رمز لها بأحرف SWC على مساحة 21 دونماً، يضم بنائين كبيرين أحدهما باسم " الكرامة الإنسانية" والثانية باسم " متحف التسامح" بكلفة 200 مليون دولار بتمويل مركز سيمون فيزنطال في لوس انجلوس بالولايات المتحدة، وسبق في عام 1994 ان وضع حجر الأساس لمتحف التسامح في حفل كبير حضره نائب رئيس الوزراء –حالياً- إيهود اولمرت وحاكم كاليفورنيا ارنولد شوارزينغر. بدأت الشركات المتعهدة بالإنشاء العمل برفع السور المحيط بالمقبرة من مترين إلى ارتفاع أربعة أمتار حتى لا يرى احد الجرائم التي ترتكب بحق الموتى، ولم تكتفي بهذا فقد عمدت إلى نصب خيمتين كبيرتين لستر ما تقوم به من انتهاكات واعتداءات على رفات وهياكل الموتى تحت حراسة العشرات من جنود الاحتلال الإسرائيلي المنتشرين في محيط المقبرة وأثناء العمل بها، ورغم كل ذلك فقد أفاد بعض العمال – تقرير يوناثان لصحيفة هآرتس 8/2/2006- بأنه يعمل في الموقع حوالي 150 شاباً بعضهم مسلمين، وإنهم يقومون بحفر القبور تحت الخيام، ويتضح من شهادات أخرى – منها شهادات عيان لأعضاء عرب في الكنيست وإعلاميين - انه كشف في موقع إقامة المتحف وحتى الآن وتحت أنظار سلطة الآثار عن أكثر من 150 هيكلاً عظمياً " وقال احد العمال " عثرنا يوم الأحد على بداية هيكل عظمي وهذا لا يعتبر أمر غير عادي، إذ يوجد في كل موقع هيكلاً".

Image title

رجل أمن إسرائيلي يتصدى للمصور الإعلامي نائل زياد

وجراء الضجة الإعلامية " فقد أحاط المسؤولين الموقع بآلات تصوير أمنية تكشف كل محاولة تسلل إليه " وفي أعقاب الاهتمام الذي أبدته وسائل الإعلام وجهت لهم – للعمال – تعليمات بتغطية المنطقة بقطع من البلاستيك، وقال احد العمال: " قالوا لنا بأنه إذا عرف عن وجود هياكل هنا فسيتم وقف المشروع ".

Image title

احد القبور التي تم نبشها في مقبرة " مأمن الله "

وفي شهر كانون الثاني 2006 أعلنت الصحف الإسرائيلية عن نية الحكومة الإسرائيلية افتتاح مقر ما يسمى " مركز الكرامة الإنسانية " – متحف التسامح – في مدينة القدس على ما تبقى من مقبرة " مأمن الله" الأمر الذي يؤكد تصميم إسرائيل على إنهاء وجود مقبرة " مأمن الله "، وتماطل المحكمة العليا الإسرائيلية في الرد على التماس " مؤسسة الأقصى" باسم محاميها السيد احمد سليمان ضد مجموعة المتاحف المسماة  SWC، ومركز سيمون فيزنطال في لوس انجلوس وبلدية القدس ودائرة أراضي إسرائيل، وطالب الالتماس باستصدار أمر مستعجل لإيقاف العمل والحفريات على ارض مقبرة " مأمن الله" الإسلامية وعدم إخراج أي مواد خارج حدود المقبرة، وقدم الالتماس مرفقاً بكافة الوثائق والصور، وتعنى مماطلة المحكمة في الرد على الالتماس  مساهمة من المحكمة وتواطئاً على الجريمة التي تجري في الموقع ولتعطي المنفذين فرصة إخفاء هذه الجريمة بإخراج عظام ورفات الموتى دون ان يراهم احد.

وفي الثاني عشر من أيار عام 2005 أقام الاحتلال جداراً حديدياً – من الزينكو – حول 15 دونماً يحجب الرؤيا عما خلفه، وفي الثاني من كانون ثاني 2006 تقدمت مؤسسة الأقصى بدعوى لإيقاف أعمال الحفر والتجريف والبناء على المقبرة وعدم إخراج أي مواد من حدود المقبرة.


القانون والقضاء الإسرائيليين أداتان لتحقيق أهداف سياسية:

- منذ عام 1935 حتى عام 1947 لم تسلم المقبرة يوماً من اعتداءات اليهود، اعتداءات فردية وجماعية خلفها نظرات عنصرية تكره الغير، تجتث جذوره، تقلعه لتحل محله، ومقبرة مأمن الله هي الاكثر قدماً والضاربة في التاريخ جذوراً، وحضن العلماء والأئمة والصحابة والشهداء والقادة على مدى 1400 عام، الأمر الذي أضفى على المقبرة خصوصية.

- وفي 2/2/2006 تقدم ذوو بعض الموتى المواطنون : محمد خير الدين الدجاني، محمد زكي نسيبة، محمد حمدي بدر زين، بالتماس إلى المحكمة الشرعية الإسلامية في القدس الغربية ضد كافة الأعمال والانتهاكات في مقبرة " مأمن الله" كما وتقدمت مؤسسة كرامة لحقوق الإنسان بواسطة مديرها ضرغام سيف بالتماس إلى المحكمة العليا الإسرائيلية في 5/2/2006 لكن الجهات المعنية رفضت الانصياع له، وتأجل النظر في القضية إلى يوم 19/2/2006.

- في الثامن من شباط 2006 استأنفت الجهات المعنية العمل في إزالة القبور من "مأمن الله" تمهيداً لبناء " متحف التسامح".

- في 23 شباط 2006 أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية أمراً احترازياً يمنع العمل في مقبرة مأمن الله، وقضت المحكمة بتعيين القاضي " مئير شنغار" رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية السابق والمتقاعد وسيطاً بين الأطراف للوصول إلى حل، وفعلاً وضع القاضي " شنغار" توصيات لم يؤذخ بها، وأصدرت المحكمة العليا في 23 أيار 2006 أمراً يمنع بموجبه متولي الوقف من دخول مقبرة مأمن الله لمدة عشرة أيام.

- وفي الثالث من تشرين أول 2006 أعلن القاضي " شنغار" عن فشله في وساطته بين الأطراف في قضية مقبرة مأمن الله، فعاد ملف القضية مرة أخرى مطروحاً أمام المحكمة من جديد، ونفذ الفلسطينيون في القدس ومن مناطق الأراضي المحتلة عام 1948 عدة فعاليات احتجاجية من اعتصامات وتظاهرات أمام المحكمة العليا الإسرائيلية احتجاجاً على الاعتداء على حرمة القبور ونبشها والمس بكرامة الموتى من أجل إقامة ما يسمى بـ " متحف الكرامة الإنسانية " – متحف التسامح- ، ورافضين اقتراح المتعهد بتجميع رفات الموتى المدفونين هناك في قبر واحد قبل تدمير القبور وإزالتها، و/أو أن تقام قاعدة من الاسمنت المسلح لتغطي ارض المقبرة بما فيها من قبور، لما في هذه الاقتراحات – البدائل – من مخالفة للموقف الشرعي، ولما تكرسه من انتهاك لحرمة القبور وكرامة الموتى فيها ومس لمشاعر ذويهم.

- في 30 تشرين ثاني 2006 أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قراراً بموجبه تواصل الشركة الإسرائيلية والأمريكية العمل في المقبرة، ومرة أخرى في 29 تشرين أول 2008 رفضت المحكمة العليا التماس مؤسسة الأقصى ومواطنين من ذوي بعض الموتى المدفونين في المقبرة من العائلات المقدسية الفلسطينية، وقضت محكمة الاحتلال بالسماح لشركة إسرائيلية بمواصلة أعمال الحفر والتجريف في المقبرة الاسلامية.


وسبق ان طالبت الهيئات الإسلامية ومنها مفتي القدس وقاضي القضاة ومدير دائرة الأوقاف، بوقف العدوان على مقبرة "مأمن الله" بكونها مقبرة إسلامية، وأصدرت فتوى تحرم تدنيس المقابر والاعتداء على حرمتها وقدسيتها ونبش قبورها، كما حرمت على المسلمين العمل فيها، وناشدت الهيئات الإسلامية كافة الهيئات والمؤسسات المختصة وجمعيات حقوق الإنسان بالوقوف في وجه الهجمة ضد المقدسات وضد الأموات وبتنفيذ كافة القرارات الصادرة عن المحكمة الشرعية ذات الاختصاص في هذا المجال.

Image title

الإنشاءات الإسرائيلية على أنقاض مقبرة " مأمن الله"

يدعى المشروع انه مخصص جزئياً للترويج للتفاهم بين الديانات المختلفة والتسامح بينها، " فأي تسامح يبدأ باستفزاز مشاعر أبناء الديانات الأخرى والاعتداء على مقدساتهم ورموزهم الدينية وعلى مراقد موتاهم"؟؟!!.

والجزء الآخر من المشروع ما يسمى " مركز الكرامة الإنسانية" ، وهل بموت الإنسان تنتهي كرامته، ان الاحتلال الإسرائيلي لا يحترم كرامة الإنسان الحي الذي عقوبة قتله لا تساوي أحيانا مليما وأحيانا أخرى شاقلا ان لم تقف عند تعبير (توبيخ) ، فكيف بمن يقتل الأبرياء ويعتدي على حياتهم المقدسة، ان يحترم كرامتهم وهم موتى ؟!!!.

ان الذهنية العنصرية المريضة للاحتلال الإسرائيلي التي تستبيح مقدسات وحرمات الغير – غير اليهودية – هي ذاتها التي فعلت ما ذكر المؤرخ ميرون فينتستس في صحيفة هآرس المنشور في جريدة القدس 9/9/2005: (كل هذا ولم نتطرق بعد لقبور الصلاح الشيوخ التي تحولت إلى قبور مقدسة لليهود مثل قبر"دان" الذي حل محل ضريح الشيخ غريب أو قبر الست سكينة في طبريا الذي تحول بصورة عجيبة إلى قبر "راحيل" زوجة الحاخام عكيفا . اقل من "40" مقبرة إسلامية بقيت من مجموع "150 " كانت في القرى المهجورة وهي أيضا مهملة وفي دائرة الخطورة الدائمة والاعتداءات والمصادرات ، بل القضية قضية مبدأ العقلية العنصرية التي قامت بكل ذلك والعقلية التي تعتدي بالحفر والتهديد بالهدم للمسجد الأقصى لا تتردد في هدم ونبش القبور في مقبرة مأمن الله .

والمؤسسة الإسرائيلية ذاتها كانت أغلقت – ألغت – طريقا معبدا مضى عليه أكثر من 25 عاما يصل بين الجثمانية ورأس العامود بحجة انه يمر بمقبرة يهودية، ولو وقف الأمر عند هذا الحد فلا بأس، لكن المؤسسة ذاتها قامت فيما بعد بتجريف مقبرة باب الرحمة الإسلامية بعمق متوسطه عشرة أمتار لتوسيع طريق معبد ليكون طريقا التفافيا يستعمله المستعمرون اليهود للوصول إلى البؤر الاستعمارية بباب المغاربة وقرية سلوان.

ان مركز أبحاث الأراضي ومعهد الأبحاث التطبيقية – أريج -  ينظر بخطورة بالغة للممارسات العنصرية الاسرئيلية ضد كل ما هو فلسطيني ماديا ومعنويا وانه يندرج في سياسة التطهير العرقي لكل ما هو فلسطيني من بشر وشجر وحجر وعليه يطالب مركز أبحاث الأراضي – جمعية الدراسات العربية ومعهد أريج  في القدس بما يلي:

الأطراف السامية الموقعة على الاتفاقيات والمواثيق والعهود المتعلقة بحقوق الإنسان احترام توقيعها والتزامها بالعمل على صون واحترام تلك  المواثيق وحمايتها من الانتهاكات والممارسات العنصرية بكافة أشكالها حتى لو كان ذلك من الأطراف الموقعة عليها .

المجتمع الدولي ولجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو وغيرها،بوضع حد للخروقات الصارخة التي تمارسها إسرائيل بحق المقدسات من مساجد ومقابر و آثار وغيرها، والإهانة لكرامة الإنسان حياً وميتاً، والضغط على إسرائيل للتوقف فوراً عن تجريف مقبرة مأمن الله الإسلامية والتوقف عن نبش القبور فيها.

ويرى مركز أبحاث الأراضي في العدوان الإسرائيلي على مقبرة " مأمن الله" اعتداء عنصري مفضوحاً يشهد عليه المؤرخ الإسرائيلي ميرون بنفنستي – نائب رئيس بلدية القدس الأسبق في مقالته حول هذا الموضوع المنشور في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، بقوله " ان هدم المقابر الإسلامية لم ينبع من ضغوط احتياجات التنمية والمصلحة العامة، وإنما بهدف مقصده عملية تطهير عرقي للموتى لان وجود المقابر تلك دليل على ملكية الأقصى ".


الوسوم دراسات