2023-05-01

الاستيطان الرعوي على أراضي يطا – جنوب الخليل

الانتهاك: تدمير محاصيل زراعية.

تاريخ الانتهاك: منذ مطلع 2023م.

الموقع: منطقة فاتح صدره – بلدة يطا/ محافظة الخليل.

الجهة المعتدية: مستعمرو " البؤرة الاستعمارية الرعوية".

الجهة المتضررة: المزارع الفلسطيني فريد حمامدة.


التفاصيل:

انتشرت في السنوات الأخيرة فكرة الاستيطان الرعوي، فبدأ المستعمرون ينتشرون على الأراضي القريبة من التجمعات البدوية الفلسطينية في الضفة الغربية، وينصبون خيام وبركسات زراعية على نمط التجمعات الفلسطينية، فهم لم يسرقوا الأرض فحسب بل سرقوا نمط حياة.

جدير بالذكر بأن المستعمرين الذين يقيمون في تلك الخيام غالبيتهم مسلحون أو محميون من جيش الاحتلال الإسرائيلي، وعليه يقومون برعي مواشيهم في الأراضي الرعوية ويمنعون الرعاة الفلسطينيين من الوصول اليها، بل يعتدون عليهم وعلى مواشيهم، حيث سجل فريق البحث الميداني في مركز أبحاث الأراضي عدداً كبيراً من الحالات التي تم فيها الاعتداء على الرعاة وسرقة و/أو دهس وقتل المواشي، كل ذلك لتصبح الأراضي الرعوية ذات المساحات الواسعة مخزوناً استعمارياً لصالح الاستيطان الاحتلالي الاسرائيلي وخدماته.

عائلة حمامدة ضحية الاستيطان الرعوي:

تعد عائلة المواطن فريد محمود خليل حمامدة (37 عاماً) إحدى ضحايا البؤر الاستعمارية الرعوية التي باتت تنتشر في الضفة الغربية، وخاصة في جنوب الضفة على أراضي بلدة يطا، حيث تقيم العائلة بشكل دائم على أراضيها في منطقة تسمى " فاتح صدره" الى الجنوب الشرقي من بلدة يطا، وعلى مقربة من قرية عرب الزويدين، في واد قريب من مستعمرة " كرمئيل" المقامة على أراضي المواطنين المصادرة، ويعتبر المزارع الوحيد الذي يقيم في هذا الوادي.

ويعيل فريد أسرة مكونة من (14 فرداً)، وهو متزوج من امرأتين، وله من الأبناء (14 طفلاً) من بينهم ( 6 بنات طفلات)، كما يعيل شقيق له يبلغ عمره ( 53 عام) يعاني من إعاقات دائمة؛ جراء إصابته بمرض " السحايا" حين كان طفلاً، حيث لا يقدر على الحركة بالإضافة الى ضعف في البصر وآلام صدرية أخرى، إذ يحتاج شقيقه إلى تدخل طبي عاجل يتمثل في عملية قلب مفتوح.

وكانت العائلة تعيش حياتها من أرضها ومواشيها التي تعد مصدر دخلها الوحيد، إلى أن أقيم بالقرب من مكان سكنها بؤرة رعوية في عام (   2021  ) ومنذ إقامتهم في الموقع والمستعمرون يعتدون على أراضي العائلة وذلك ضمن سياسة التهجير القسري التي يتبعها الاحتلال ومستعمريه في كافة مواقع التجمعات البدوية الفلسطينية، حيث ترعى أغنام المستعمرين المحاصيل الزراعية التي زرعها حمامدة في أرضه والتي تعد مصدر غذاء لأغنامه، مما ألحق به خسائر كبيرة جراء فقدانه مصدر الرعي الذي يعتمد عليه كل عام في تأمين أعلاف قطيع المواشي الذي يملكه.

وبالنظر الى مساكن عائلة حمامدة، فتقطن العائلة في غرفتين من الطوب ومسقوفة بألواح الصفيح، ملحق بها غرفة أخرى من الطوب تعتبر كمضافة للعائلة، وكهف آخر يستخدمونه للسكن وكمطبخ للعائلة ولتصنيع مشتقات الحليب وبيعها، حيث تعتبر حرفة الرعي وإنتاج الألبان مهنة العائلة الوحيدة في تأمين مصدر دخلها.

ويخشى حمامدة من إضافة مباني أخرى لتوسيع مسكنه، خوفاً من إقدام سلطات الاحتلال على هدمها، ويشير إلى أنه أراد بناء إحدى الحظائر لمواشيه، وقد استمر في عملية البناء حوالي خمس سنوات، ليتفادى قيمة الخسائر المادية في حال أقدم الاحتلال على هدمها.

 الاعتداءات الاستعمارية على أراضي عائلة حمامدة:

قبل نحو عام أقام المستعمرون بؤرة استعمارية تبعد حوالي كيلو  متر واحد من مكان إقامة عائلة حمامدة في منطقة "الشومرة"، وهي أراضي تابعة لعائلة الزويدين.

 ويعمل المستعمرون في تلك البؤرة بتربية المواشي ورعيها في أراضي المواطنين المحيطة بها، بحماية من جيش الاحتلال، حيث تسيطر البؤرة على حوالي (ألف دونم) من أراضي المواطنين الرعوية والأراضي التي تُفلح بالمحاصيل الشتوية.

وقد بدأ المستعمر الذي يقيم في البؤرة بإطلاق أغنامه (حوالي 50 رأس حسب تقديرات حمامدة) في أراضي عائلة حمامدة، حيث أتت أغنام المستعمرين على حوالي ( 100 دونم) كانت مزروعة بالمحاصيل الشتوية ( القمح والشعير).

ويفيد حمامدة لباحث مركز أبحاث الأراضي:

" تملك عائلتي حوالي 400 دونم في منطقة فاتح صدره موزعة بين أراضي نزرعها بالمحاصيل الشتوية وأخرى مراعي أقوم برعيها بقطيع المواشي، حيث كنت أملك قطيع مكون من 130 رأس، لكن تعرضت المواشي قبل مدة لمرض خطير أدى إلى نفوق حوالي 40 منها".

ويضيف:

 " لقد تقدمت بشكوى على قيام المستعمر بالرعي في أراضينا، لكن شرطة الاحتلال لم تحرك ساكناً أو تمنعه من العودة إلى أراضينا، لقد اضطررت إلى إطلاق أغنامي في بعض المناطق ورعي المزروعات وهي صغيرة في محاولة مني لإبعاد المستعمر عنها، لكن قام برعي كافة المناطق القريبة من الشارع الالتفافي والذي يسلكه المستعمرون وتكون حركة جيش الاحتلال بشكل مستمر عليه، وبعد أن قضى على هذه المساحات، قام برعي قطعة أرض مزروعة بأشجار الزيتون لأقاربي، وألحق الضرر بالأشجار فيها".

أشكال الخسائر التي لحقت بعائلة الحمامدة:

يشير المواطن حمامدة إلى أن الخسائر التي لحقت بهم جراء قضاء المستعمر على المحاصيل الزراعية في أرضه، إلى أنها تتمثل في حرمانه من حصاد هذه الأراضي (حوالي 100 دونم)، والتي كان يجني منها الشعير لقطيعه، فضلاً عن القش والتبن الذي يخزنه لإطعام مواشيه في فصل الشتاء.

وأضاف أن هذا العام سيكون قاسياً عليه مقارنة بالأعوام السابقة أي قبل قدوم البؤرة الاستعمارية، حيث سيضطر إلى شراء بالات القش، والحبوب والأعلاف وبكميات كبيرة بالنسبة للأعوام السابقة، حيث بات يستعد لشراء بالات قش بحوالي (10 آلاف دولار) لم يكن يشتريها في الأعوام السابقة، فضلا عن كميات الحبوب والأعلاف الأخرى.

بسبب تقلص مساحات الرعي عزف الحمامدة عن شراء مواشي أخرى:

يقول حمامدة:

 " ليس لدي أي عمل سوى فلاحة أرضي وتربية المواشي والرعي فيها، وبعد أن نفق عدد كبير من أغنامي، عرض علي أحد الأصدقاء أن اشتري منه قطيع من المواشي "100 رأسا" على أن أسدد قيمتها بعد عام من تاريخ الشراء، لتساهم في استعادة مصدر دخلي، ولكن بعد الذي تعرضنا له من اعتداء المستعمرين والرعي في أراضينا وتقلص مساحات الرعي، عزفت عن شراء القطيع، ولربما أقوم ببيع ما تبقى من أغنامي، إذ لا تتوفر مراعي أخرى، بل أصبحت في حيرة من أمري ماذا سأعمل في موسم الفلاحة القادم، فلربما سأفلح أرضي وسيقوم المستعمر برعيها مرة أخرى".

ومن الجدير ذكره ان حالة المواطن حمامدة ليست بالوحيدة، ومعاناته مع اعتداء المستعمرين على المراعي والمحاصيل الزراعية ليست بالوحيدة أيضاً، فهناك العديد من مربي الثروة الحيوانية في التجمعات السكانية حول بلدات يطا والسموع والظاهرية ودورا وغيرها من البلدات جنوب الضفة الغربية، تعاني معاناة مشابهة لحالة حمامدة.

وفي حال حاول المواطنون مالكي الأراضي اعتراض المستعمرين الذي باتوا يصولون ويجولون في أراضيهم ودمروا مساحات شاسعة من أراضيهم ومزروعاتهم تقدر بمئات الدونمات، خاصة في أراضي بلدة يطا الجنوبية وباديتها، يقوم المستعمرون رعاة المواشي باستدعاء قوات جيش الاحتلال، الذين يطاردون المواطنين ويخرجونهم من أراضيهم، ويدّعون بأن هذه الأراضي مملوكة لدولة الاحتلال (أراضي دولة)، إذ بات المستعمرون أيضاً يتذرعون بهذه الحجة ويسوقونها على المواطنين في حال حاولوا اعتراضهم أو إخراجهم من أراضيهم الزراعية أو الرعوية.

وفي ظل الازدياد المضطرد لعدد البؤر الاستعمارية في أراضي الضفة الغربية، وفي المنطقة المصنفة "ج" التي تدعي سلطات الاحتلال سيطرتها الكاملة عليها، بالتزامن مع تزايد أعداد قطعان المواشي التي يملكها هؤلاء المستعمرون، بات الخطر يحدق بالمزارعين ومربي الثروة الحيوانية في هذه المناطق، في ظل تقلص المراعي والمساحات المخصصة للرعي بعد سيطرة المستعمرين عليها، حيث من المتوقع تقلص أعداد الثروة الحيوانية في هذه المناطق جراء هذه الممارسات.

Image title

Image title

Image title

مكان إقامة المواطن حمامدة والأراضي التي يعتدي عليها المستعمرون