تفاصيل الانتهاك:
يواصل المستعمرون في البؤرة الاستعمارية الجديدة، الواقعة في منطقة "قاعون" جنوب قرية بردلة، اعتداءاتهم على المزارعين في القرية المجاورة، حيث يسعى الاحتلال، من خلال هؤلاء المستعمرين إلى إفراغ المنطقة بالكامل تمهيدًا لتوسيع رقعة المستعمرات القائمة في الأغوار الشمالية.
يُذكر أنه في صباح يوم الأربعاء الموافق (1/1/2025) شهد موجةً جديدةً من اعتداءات المستعمرين انطلاقًا من تلك البؤرة الجديدة، حيث قامت مجموعة من المستعمرين بإطلاق عدد من رؤوس الأبقار، يُقدر عددها بنحو 45 رأساً لترعى في قطعة أرض زراعية في منطقة قاعون، تبلغ مساحتها 70 دونماً، وهي مزروعة بالمحاصيل الموسمية مثل: (الذرة، الباذنجان، البطاطا، والفلفل). تعود ملكية الأرض إلى خمس عائلات زراعية تعتمد بشكل أساسي على الزراعة وتربية الأغنام كمصدر دخل وحيد للعائلات.
وقد أفاد المزارع المتضرر، محمد سليمان صوافطة، لباحث مركز أبحاث الأراضي:
"نعتمد على الزراعة كمصدر وحيد للدخل، في ظل إنعدام فرص العمل في الأغوار ومحاولات الاحتلال تقييد كافة الخدمات المقدمة لنا، نمتلك هذه الأرض ونقوم بشكل موسمي بزراعتها بالخضروات المختلفة والذرة، ومن خلال بيعها نؤمن دخل عائلتنا".
وأضاف قائلًا:
"صباح يوم الأربعاء، استغل المستعمرون عدم وجود أيٍّ من المزارعين بسبب وعورة التربة الحمراء بعد الأمطار الغزيرة هناك. فقام المستعمرون بإطلاق قطيع من الأبقار صوب الأراضي الزراعية المفتوحة والمملوكة لنا وبشكل عشوائي، فقامت الأبقار بتدمير عدد كبير من الأشتال وإلحاق الضرر بالمزروعات بشكل متعمد، وقُدرت خسائرنا بعشرات الآلاف من الشواقل، وهو مبلغ كبير بالنسبة لنا في ظل شح الإمكانيات، علماً بأن معظم المزارعين المتضررين يعانون من ديون متراكمة".
وبحسب المتابعة الميدانية، تم في مطلع شهر كانون الأول من عام 2024 إنشاء بؤرة جديدة في منطقة سهل قاعون. وتعتبر هذه البؤرة ذات طابع رعوي، حيث يعتمد المستعمرون على رعي الأبقار، مما يؤدي إلى تدمير كافة الأراضي الزراعية التي يمتلكها المزارعون هناك. هذا التدمير يُمهد نحو الاستيلاء على منطقة قاعون بشكل كامل.
و تعود ملكية الاراضي المتضررة الى عدد من المزارعين و هم:
المزارع المتضرر | عدد افراد العائلة | عدد الاناث | عدد الاطفال |
محمد سليمان محمد صوافطة | 9 | 4 | 4 |
تحسين ابراهيم اسمر دراغمة | 2 | 1 | 0 |
فايق " تحسين محسن" ابراهيم دراغمة | 5 | 2 | 3 |
اياد " تحسين محسن" ابراهيم دراغمة | 3 | 1 | 2 |
ابراهيم " تحسين محسن" ابراهيم دراغمة | 6 | 3 | 4 |
المجموع | 25 | 11 | 13 |
يُذكر أن منطقة سهل قاعون تبلغ مساحتها نحو 1250 دونمًا من أراضي قرية بردلة، ضمن الأحواض (134، 135، 136)، الواقعة في الجهة الشمالية والشرقية من محافظة طوباس، تحديدًا شمال قرية بردلة. في عام 2013م، حكمت محكمة الاحتلال العليا بحق المزارعين في الوصول إلى المنطقة وفلاحة الأرض، رغم قيام ما تُسمى دائرة أملاك إسرائيل بالاستيلاء عليها وتضمينها لصالح كيبوتس "ميراف" عام 1978م.
وبعد استعادة الأرض، بدأ جيش الاحتلال اتخاذ خطوات متتابعة لإعادة السيطرة عليها وتهويدها، من بينها تدمير أي منشأة زراعية في المنطقة، وكذلك الإعلان عن أجزاء من أراضي قاعون كمنطقة مغلقة عسكريًا حتى إشعار آخر.
الرعي الجائر في الأراضي الزراعية الفلسطينية إحدى الانتهاكات البيئية الاسرائيلية الاحتلالية:
إن ممارسة الرعي الجائـر في الأراضي المزروعة قد يؤدي الى تعرية التربة وتآكلها، كذلك يؤدي الى التقليل من التنوع الحيوي، وينتج عنه ّأيضاً تقليل الانتاجية والتنوع البيولوجي والذي يعد أحد أسباب التصحر.
يؤدي الدوس المستمر للعديد من الحيوانات على النباتات في المساحة الخضراء الى تسريع موت النبانات والغطاء النباتي، حيث أن الحيوانات تدوس أثناء الرعي على براعم النمو الجديدة في النباتات وهذا يؤدي الى تآكل التربة، الأمر الذي يتسبب بتدهور للاراضي الزراعية، وفي المناطق مثل قرية بردلة تكون نسبة الضرر كبيرة جداً مما يؤدي الى استمرار حدوث عملية التصحر أيضاً في المناطق الزراعية، وبالتالي احداث أضرار بالبيئة[1].
وبلا أدنى شك فإن الرعي الجائر من قبل عناصر مستعمري الاحتلال يسعى بالأساس الى جعل التربة متصحرة وغير قابلة للحياة من أجل تيئيس أصحاب الأرض الفلسطينيين من إمكانيات الاستفادة منها مما سيدفعهم لتركها والهجرة عنها، لذا فهم يطلقون أغنامهم ومواشيهم في الأراضي الفلسطينية المزروعة بالحبوب أو الخضار أو المخصصة لرعي الاغنام ويمنعونها عن أصحابها، ويكررون الرعي الجائر حتى تصبح التربة خالية من أي أصول أو بذور مما يهدد بانقراض التنوع الحيوي النباتي وبالتالي يهدد التنوع الحيواني وهذا يؤدي بالضرورة الى تهديد التنوع الحشري ويهدد الحياة البرية والنباتية في الأرض. إن رعاة الأغنام من المستوطنين المستعمرين يطلقون مواشيهم في الأرض فقط لكنهم لا يحرثونها للأمطار ولا يزرعونها ولا يعتنون بها زراعياً بل يتركونها بوراً وهذا ما يضاعف من القضاء على تنوعها الحيوي وذلك ببساطة لأنها ليست لهم فهم مارقون سارقون وليسوا مالكون، بينما الفلسطيني تراه يشبه الأرض لأنه لا يفارقها يعانقها وباستمرار يحاورها، فأصحاب الأرض الحقيقيون يحرصون على الرعي الجزئي في مواسم مخصصة تحفظ الأنواع ولا تهدد الحياة البرية، بل يحرصون على الأحياء الدقيقة وعلى النباتات الطبية وذات الندرة، يحرصون على تواصلهم في الأرض لأنهم يرتبطون بها ارتباطاً تاريخياً حتى أصبحت جزءً من الثقافة الشعبية الفلسطينية، إن صاحب الأرض الحقيقي يحرص على إنمائها لا إلى تدهورها لذا بقيت الأراضي الزراعية في فلسطين في حالة تطور واستمرارية منذ آلاف السنين ولكن الاحتلال جعل مواقع عديدة منها متصحرة وبهدف سياسي استعماري تهجيري من أجل أن تصبح هذه المراعي لقمة صائغة للاحتلال ومستعمريه[1].
[1] المصدر: نشرة خاصة أصدرها مركز أبحاث الاراضي – كانون أول 2024 بعنوان (البؤر الاستيطانية الرعوية نقطة انطلاق لنهب المزيد من الأراضي الفلسطينية).
مشروع: حماية الحقوق البيئية الفلسطينية في مناطق "ج" SPERAC IV - FCDO