تفاصيل الانتهاك:
مع حلول ساعات الليل من يوم الأربعاء الموافق (29/1/2025)، أقدمت مجموعة متطرفة من المستعمرين، انطلاقاً من مستعمرة "بروخين"، على مداهمة المنطقة الواقعة إلى الشمال من بلدة كفر الديك، والمحاذية تماماً للطريق الالتفافي القريب من مستعمرة "بروخين" من الجهة الغربية. حيث أقدم المستعمرون على قطع وتخريب (27) شجرة زيتون بعمر 10 أعوام، والتي تعود ملكيتها إلى المزارع عبد الله يوسف سليمان "علي أحمد" من سكان بلدة كفر الديك.
يشار إلى أن المستعمرين تعمّدوا استخدام مناشير كهربائية في تنفيذ ذلك الاعتداء، حيث تم قصّ الأشجار من سيقانها، مما أدى إلى تلفها كلياً، علماً بأنها مزروعة على مساحة 2 دونم.
الحاج عبد الله "علي أحمد" أفاد للباحث الميداني في مركز أبحاث الأراضي بالتالي:
"ورثتُ قطعة أرض زراعية أباً عن جد في منطقة سوسية، حيث قمتُ قبل خمس سنوات بتأهيلها مجدداً وزراعتها بالزيتون، وذلك رغم المضايقات التي نتعرض لها من مستعمرة "بروخين"، فقد تجرّأ المستعمرون عدة مرات على إغلاق الطريق الزراعي المؤدي إلى أراضيّ، ناهيك عن هدم وتخريب الغرف الزراعية الموجودة في المواقع المحيطة بها.
كما أن الاحتلال يحاول بين الفينة والأخرى الزحف نحو الأراضي المجاورة بهدف توسيع تلك المستعمرة على حساب أراضينا، وقبل هذا الاعتداء بعدة أيام، لاحظتُ وجود المستعمرين في منطقة قريبة من أرضي، وأحسستُ أن شيئاً ما سيحدث، وسبق ذلك، قبل حوالي شهرين، أنه كان هناك نشاطاً ملحوظاً للمستعمرين في الأراضي المحيطة بتلك المستعمرة، حيث يحاولون نشر الخوف في المنطقة، بل والاعتداء على المواطنين والمزارعين هناك".
وأضاف:
وفي صباح اليوم، أثناء توجهي إلى أرضي - كعادتي - تفاجأتُ بقطع (27) شجرة زيتون من أرضي وإلحاق ضرر كبير بها.
وعلى مدار السنوات الأخيرة، رصد الباحث الميداني عدداً من الاعتداءات في نفس الموقع والمواقع المجاورة، تمثّلت في هدم غرف زراعية، واقتلاع عشرات من غراس الزيتون، بالإضافة إلى أعمال العربدة والتنكيل بالمزارعين، حيث يصبّ ذلك كله ضمن هدف واحد، وهو تفريغ المنطقة خدمةً للنشاطات الاستعمارية التوسعية.
نبذة عن بلدة كفر الديك[1] :
تقع بلدة كفر الديك على بعد 15 كم من الجهة الغربية من مدينة سلفيت. ويحدها من الشمال بديا, ومن الغرب قرى: رافات، دير بلوط، ومن الشرق قرى: برقين، سرطة, ومن الجنوب قرى بني زيد. وبلغ عدد سكانها 5551 نسمة حتى عام 2017م, وتبلغ مساحتها الإجمالية 15529 دونم, منها 791 دونم عبارة عن مسطح بناء للقرية.
وصادر الاحتلال من أراضيها ما مساحته 2477 دونم فيما يلي التوضيح :
اسم المستعمرة | سنة التأسيس | مساحة الأراضي المصادرة /دونم | عدد المستعمرين |
هار الي زهاف | 1983 | 134 | NA |
ايلي زهاف –يوعيزر | 1982 | 290 | 424 |
بدوئيل | 1984 | 800 | 1088 |
بروخين | 1999 | 1 | NA |
المجموع | 1225 | 1512 |
هذا وتصنف أراضي بلدة كفر الديك حسب اتفاق أوسلو إلى B والتي تشكل 15% من مساحة القرية بينما مناطق C أي خاضعة للسيطرة الكاملة للاحتلال الإسرائيلي تشكل 85%.
– مناطق مصنفة “ب” 2252 دونماً.
– مناطق مصنفة “ج” 13277 دونماً.
التعقيب القانوني:
إن البيئة الفلسطينية عامةً تتعرض لانتهاكات بيئية عديدة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ضاربة بعرض الحائط كافة القوانين والأعراف الدولية والوطنية المتعلقة بحماية الحقوق البيئية، وإن الحق بالعيش في بيئة نظيفة وسليمة هو حق لصيق بالإنسان منذ الخليقة. ودائماً ما يحاول الاحتلال الظهور بمظهر الحريص على الشؤون الدولية البيئية على الرغم من توقيعها على اتفاقيات كبرى لحماية البيئة أبرزها اتفاقية بازل عام1989م واتفاقية روتردام عام2008م واتفاقية ستوكهولم2001م واتفاقية رامسار عام 1971م، وكذلك مواثيق جودة الهواء والمناخ ورغم ذلك تقوم بانتهاك جميع هذه المعاهدات دون محاسبة أو مراقبة.
بالإضافة إلى النصوص الخاصة بحق التمتع ببيئة نظيفة وسليمة لكل من يقع تحت الاحتلال العسكري بحسب القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، كالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون الأول / ديسمبر 1966 في المادة (1) البند (2): "...لجميع الشعوب، سعياً وراء أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة...".
ومما لا شك فيه أن الاعتداءات التي يقوم بها الجانب الإسرائيلي تخالف قوانين "دولة الاحتلال" قبل غيرها من القوانين، وبالرجوع إلى تفاصيل هذه الحالة نجد أن قانون العقوبات الإسرائيلي لعام 1977م وتعديلاته قد نص على أن التعدي على ممتلكات الغير لارتكاب جريمة فعل معاقب عليه بالقانون، وبقراءة المادة 452 من قانون العقوبات الإسرائيلي نجد أن القانون يخالف من يرتكب اعتداءً أو ضرراً للممتلكات سواء ( بئر ماء، بركة ماء، سد، جدار أو بوابة فيضان بركة، أو أشجار مزروعة، جسر، خزان أو صهريج ماء) يعاقب بالسجن عليه خمس سنوات.
كما أن المادة 447 من قانون العقوبات الاسرائيلي نصت على أنه:" من فعل أي من ذلك بقصد ترهيب مالك عقار أو إهانته أو مضايقته أو ارتكاب جريمة، عقوبته السجن سنتين:
(1) يدخل أو يعبر العقار؛ (2) بعد دخوله العقار بشكل قانوني، بقي هناك بشكل غير قانوني.
(ب) تُرتكب جريمة بموجب هذا القسم عندما يحمل الجاني سلاحًا ناريًا أو سلاحًا باردًا، عقوبته هي السجن أربع سنوات".
وبقراءة نص المادتين نجد بأن قانون العقوبات الإسرائيلي جرم مجرد دخول أي شخص بدون وجه حق إلى عقار ليس بعقاره بهدف الإهانة أو المضايقة أو الترهيب ويعاقب على ذلك الفعل سنتين، وتتضاعف العقوبة عندما يدخل المعتدي ويرتكب جريمة في عقار غيره باستخدام سلاح أو أداة حادة أو حتى الاعتداء الأراضي الزراعية من قطع وحرق وتخريب، وهذا ما تم تجريمه صراحةً في نص المادة 447 من قانون العقوبات الإسرائيلي آنف الذكر، كما يعاقب 5 سنوات لمن يتسبب بضرر للممتلكات المذكورة في المادة 452 وعليه فإن المعتدي " المستعمر" يجب أن تكون مخالفته مضاعفة الأولى بالدخول لعقار ليس بعقاره والثانية بالتعدي على الأشجار المزروعة وقطعها مما تسبب بضرر بيئي.
وعليه فإن المعتدي الإسرائيلي يخالف دون أي وجه حق ما جاء في القوانين والمعاهدات الدولية، وما جاء أيضاً في قوانين "دولته" الداخلية مخالفةً صريحة، وعليه لا بد على "القضاء الإسرائيلي" محاسبة ومعاقبة المستعمرين على هذه الأفعال بموجب نصوص قوانينهم وما جاء فيها. إلا أنه لا يوجد أي مسائلة قانونية للمعتدي من قبل القضاء الإسرائيلي. ولكن هذا لا ينفي حق أي إنسان على هذه الأرض أن يعيش في بيئة نظيفة وسليمة وآمنة من أي انتهاك واعتداء ضدها.
[1] المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية – مركز أبحاث الاراضي.
مشروع: حماية الحقوق البيئية الفلسطينية في مناطق "ج" SPERAC IV - FCDO
آثار تقطيع أشجار المزارع عبد الله أحمد