تفاصيل الانتهاك:
شهدت قرية قريوت الواقعة إلى الجنوب من مدينة نابلس في ساعات الفجر الأولى من يوم الثلاثاء الموافق (11/2/2025م)، تحديداً حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، قيام مجموعة من المستعمرين بإضرام النيران في دفيئة زراعية بمساحة دونم واحد تقع في منطقة سهل المرج جنوب غرب القرية، والدفيئة مزروعة بالبندورة، حيث استخدم المستعمرون، الذين يُعتقد أنهم قدموا من مستعمرة "عيلي"، أدواتهم لتنفيذ الحريق.
آثار إحراق الدفيئة الزراعية
يشار إلى أن الطقس الماطر الذي تشهده المنطقة ساهم بشكل كبير في عدم انتشار النيران بشكل كامل لتطال كامل الدفيئة، حيث احترق فقط الجزء الغربي منها بشكل جزئي، بالإضافة إلى احتراق جزئي للأشتال وتضرر 20 متراً من شبكات الري بقطر ربع إنش.
وتعود ملكية تلك الدفيئة المحترقة إلى المزارع صبري راتب أسمر البوم (51 عاماً)، والذي يعيل أسرة مكونة من 11 فرداً بالغين، منهم 3 ذكور و8 إناث، مع الإشارة إلى وجود حالتين خاصتين ضمن الأسرة.
وحول حيثيات الحريق، أفاد المزارع المتضرر لباحث مركز أبحاث الأراضي بالتالي:
"أعتمد على الزراعة في تأمين دخلي الوحيد الذي أعيل به أسرتي، بالإضافة إلى والدتي وأختيّ الاثنتين، وأسكن على مسافة 500 متر عن الدفيئة الزراعية، وفي فجر يوم الثلاثاء استيقظت على وهج النيران التي تشتعل في الدفيئة الزراعية، فتوجهت مباشرة باتجاهها، وكان هناك عدد من المزارعين معي، شاهدت مجموعة من المستعمرين معهم سيارة خاصة يتجهون من الدفيئة باتجاه مستعمرة "عيلي" عبر طريق زراعية، وكان هناك تواجد لجيش الاحتلال على برج المراقبة القريب، لكن لم يتحرك ساكناً، لقد كانت الأضرار جزئية، حيث إن رعاية الله والجو البارد والماطر ساهما في عدم انتشار النيران".
يذكر أن قرية قريوت كانت وما زالت محط استهداف الاحتلال بشكل مباشر، حيث يوجد على أراضيها مجموعة من المستعمرات الإسرائيلية التي تنهش أراضيها بشكل يومي ومستمر، بالإضافة إلى المواقع الأثرية التي تم إغلاقها من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب سجلات البحث الميداني منذ السابع من شهر اكتوبر الماضي وحتى تاريخ اليوم، عمد الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ عدد من المخططات التهويدية التي تمس قطاع الزراعة في القرية، والتي من أبرزها منع المزارعين من الوصول الى 3400 دونماً من أراضي القرية، بهدف فلاحتها وحتى جني ثمار الزيتون، وتركزت تلك الأراضي في مواقع وجود المستعمرات الجاثمة على أراضي القرية والتي تسيطر بشكل مباشر على مساحة 1400 دونماً، هذا بالاضافة الى وجود 2000 دونماً ولم يتكمن أي مزارع منذ نحو عام من دخولها حتى الآن، وتتركز تلك القطع في معظمها ضمن الحوض الطبيعي رقم (1) من أراضي القرية، تحديداً مواقع خلة بطيشة، والخوانق، والصنعة، والفرن، والسهلات، وحريق الشرق، والسهل الشرقي، وبذلك فإن أكثر من 32 ألف شجرة زيتون لم يتكمن المزارعين من جني ثمارها، وتعود تلك القطع الى ما يزيد عن 70 عائلة من القرية، و كانت تساهم تلك الاشجار بشكل كبير في مصدر دخل تلك العائلات [1].
هذا ووثق فريق البحث الميداني في مركز أبحاث الأراضي خلال الخمس سنوات الماضية إضافة الى عام 2024 الانتهاكات الاسرائيلية بحق الأرض والبناء والبيئة الفلسطينية في قرية قريوت أبرزها ما يلي:
التعقيب القانوني:
إن البيئة الفلسطينية عامةً تتعرض لانتهاكات بيئية عديدة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ضاربة بعرض الحائط كافة القوانين والأعراف الدولية والوطنية المتعلقة بحماية الحقوق البيئية، وإن الحق بالعيش في بيئة نظيفة وسليمة هو حق لصيق بالإنسان منذ الخليقة. ودائماً ما يحاول الاحتلال الظهور بمظهر الحريص على الشؤون الدولية البيئية على الرغم من توقيعها على اتفاقيات كبرى لحماية البيئة أبرزها اتفاقية بازل عام1989م واتفاقية روتردام عام2008م واتفاقية ستوكهولم2001م واتفاقية رامسار عام 1971م، وكذلك مواثيق جودة الهواء والمناخ ورغم ذلك تقوم بانتهاك جميع هذه المعاهدات دون محاسبة أو مراقبة.
بالإضافة إلى النصوص الخاصة بحق التمتع ببيئة نظيفة وسليمة لكل من يقع تحت الاحتلال العسكري بحسب القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، كالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون الأول / ديسمبر 1966 في المادة (1) البند (2): "...لجميع الشعوب، سعياً وراء أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة...".
ومما لا شك فيه أن الاعتداءات التي يقوم بها الجانب الإسرائيلي تخالف قوانين "دولة الاحتلال" قبل غيرها من القوانين، وبالرجوع إلى تفاصيل هذه الحالة نجد أن قانون العقوبات الإسرائيلي لعام 1977م وتعديلاته قد نص على أن التعدي على ممتلكات الغير لارتكاب جريمة فعل معاقب عليه بالقانون، وبقراءة المادة 452 من قانون العقوبات الإسرائيلي نجد أن القانون يخالف من يرتكب اعتداءً أو ضرراً للممتلكات سواء ( بئر ماء، بركة ماء، سد، جدار أو بوابة فيضان بركة، أو أشجار مزروعة، جسر، خزان أو صهريج ماء) يعاقب بالسجن عليه خمس سنوات.
كما أن المادة 447 من قانون العقوبات الاسرائيلي نصت على أنه:" من فعل أي من ذلك بقصد ترهيب مالك عقار أو إهانته أو مضايقته أو ارتكاب جريمة، عقوبته السجن سنتين:
(1) يدخل أو يعبر العقار؛ (2) بعد دخوله العقار بشكل قانوني، بقي هناك بشكل غير قانوني.
(ب) تُرتكب جريمة بموجب هذا القسم عندما يحمل الجاني سلاحًا ناريًا أو سلاحًا باردًا، عقوبته هي السجن أربع سنوات".
وبقراءة نص المادتين نجد بأن قانون العقوبات الإسرائيلي جرم مجرد دخول أي شخص بدون وجه حق إلى عقار ليس بعقاره بهدف الإهانة أو المضايقة أو الترهيب ويعاقب على ذلك الفعل سنتين، وتتضاعف العقوبة عندما يدخل المعتدي ويرتكب جريمة في عقار غيره باستخدام سلاح أو أداة حادة أو حتى الاعتداء الأراضي الزراعية من قطع وحرق وتخريب، وهذا ما تم تجريمه صراحةً في نص المادة 447 من قانون العقوبات الإسرائيلي آنف الذكر، كما يعاقب 5 سنوات لمن يتسبب بضرر للممتلكات المذكورة في المادة 452 وعليه فإن المعتدي " المستعمر" يجب أن تكون مخالفته مضاعفة الأولى بالدخول لعقار ليس بعقاره والثانية بالتعدي على الدفيئة وحرقها مما تسبب بضرر بيئي.
وعليه فإن المعتدي الإسرائيلي يخالف دون أي وجه حق ما جاء في القوانين والمعاهدات الدولية، وما جاء أيضاً في قوانين "دولته" الداخلية مخالفةً صريحة، وعليه لا بد على "القضاء الإسرائيلي" محاسبة ومعاقبة المستعمرين على هذه الأفعال بموجب نصوص قوانينهم وما جاء فيها. إلا أنه لا يوجد أي مسائلة قانونية للمعتدي من قبل القضاء الإسرائيلي. ولكن هذا لا ينفي حق أي إنسان على هذه الأرض أن يعيش في بيئة نظيفة وسليمة وآمنة من أي انتهاك واعتداء ضدها.
روابط اضافية :
إنشاء بؤرة رعوية استعمارية جديدة وسرقة 100 شجرة معمرة من أراضي قرية قريوت جنوب نابلس
[1] المصدر: مجلس قروي قريوت.
مشروع: حماية الحقوق البيئية الفلسطينية في مناطق "ج" SPERAC IV - FCDO