تفاصيل الانتهاك:
أقدمت مجموعة من المستعمرين ظهر يوم الخميس الموافق (6/3/2025) انطلاقًا من موقع مستعمرة "حومش" على مداهمة منطقة "المحاجر" الواقعة على أراضي قرية جبع في محافظة جنين، مجددًا، حيث استهدف المستعمرون قطعة أرض زراعية تبلغ مساحتها تسعة دونمات، والتي تعود ملكيتها إلى المزارع نائل فتحي شفيق فشافشة، أحد سكان قرية جبع، والمعيل لأسرة مكونة من ثلاثة أفراد، من بينهم أنثى واحدة.
يُشار إلى أن المستعمرين تعمدوا إتلاف 80 غرسة زيتون بعمر عامين، عبر تكسير سيقانها يدوياً بهدف إلحاق الضرر بها، مما أدى إلى تلفها بالكامل. مع الإشارة إلى أن المزارع المتضرر قام بزراعتها في مطلع العام الحالي، وتحديداً في شهر شباط الماضي، بمساعدة الإغاثة الأولية الدولية، وذلك بهدف تعزيز صمود المزارعين في المناطق المهددة. علماً بأن الموقع يُعد من المناطق التي ينشط فيها المستعمرون في الآونة الأخيرة، من حيث تنفيذ عمليات تخريب ممنهجة تهدف إلى النيل من إرادة المزارع الفلسطيني.
وقد أفاد المزارع المتضرر قائلًا:
"في العام الماضي، تعرضت أرضي لاعتداء تخريبي من قبل المستعمرين، حيث كنت قد زرعت ما يقارب 100 شتلة زيتون، وكنت أتابع بشكل دوري سقايتها ومراقبة نموها، إلى أن جاء المستعمرون وقاموا بقطع جميع الغراس. ورغم ذلك، لم أيأس، فقمت حديثًا بإعادة زراعة الأرض بنحو 80 غرسة زيتون، ولكن لم تمضِ سوى أيام قليلة حتى عاد المستعمرون وقطعوا كامل الغراس مرة أخرى. ومع ذلك، أُصر على إعادة زراعة الأرض التي ورثتها أباً عن جد، لأنني إذا تركتها فسيتمكن المستعمرون من السيطرة عليها، وهذا ما يخططون له فعلياً".
يذكر أن مجموعة من المستعمرين المتطرفين عقائدياً، منذ السابع من اكتوبر قاموا باتخاذ موقع لهم في منطقة مستعمرة "حومش"، حيث ينطلقون من ذلك الموقع لتنفيذ اعتداءات على المزارعين في القرى و الارياف المجاوره، حيث رصد الباحث الميداني العديد من تلك الاعتداءات.
مستعمرة حومش المخلاة
أقيمت في عام 1980 على حدود محافظتي نابلس وجنين وعلى حساب أراضي قرية برقة الواقعة إلى الجنوب من مدينة نابلس على مقربة من قرى سيله الظهر شمال جنين، بزاريا غرب نابلس، بيت أمرين شرق نابلس. وقد استولت المستعمرة على حوض رقم 6 المسمى ‘حوض الظهور’ ويشمل قطع أراضي من 1- 22 على التوالي والتي تعود لأهالي قرية برقة. وحتى عام 2005 بلغت مساحة الأراضي المستولى عليها للمستعمرة من القرى المذكورة أعلاه حوالي 1050 دونماً من بينها 157 دونماً منطقة بناء. ووصل عدد المستعمرين فيها إلى 181 حتى موعد الإخلاء في آب2005. وكانت أبنية المستعمرة حجرية مسقوفة بالقرميد، كما أضيفت لها في السنوات الأخيرة ما يزيد على 10 كرفانات (بيوت متنقلة).
بالإضافة إلى ذلك يوجد هناك قرابة 4 آلاف دونماً محيطة بالمستعمرة كانت تعتبر منطقة مغلقة يمنع الفلسطينيين من الوصول إليها أو استغلالها بصفتها كانت محاذية لمستعمرة ‘حومش’ ومطلة عليها في نفس الوقت، مما حول تلك الأراضي إلى أراضي زراعية غير مستغلة (بور).
و قبيل عملية الإخلاء، اصدر جيش الاحتلال في21/6/2005م عدداً من الإخطاران تحمل الأرقام التالية( 05/97/(T و (05/98/(T و (05/200/T) و (05/201/T) و المتضمنة مصادرة 2012 دونماً من أراضي قرية برقة بهدف إقامة معسكر لجيش الاحتلال لتأمين الحماية للمستعمرين أثناء عملية الإخلاء حيث كانت المصادرة تتضمن وضع اليد على 474 دونماً في حوض (5) المعروف باسم حوض سرطاسة والباقي من حوضي 21 (العابور) و22 (الهبابير). علماً بأنه تم في عام 2002م مصادرة نحو 1950 دونماً لشق طريق رقم 60 ابتداءً من مفترق مستعمرة ‘ كدوميم’ حتى الطريق الرئيسي طولكرم – نابلس، وعلى ضوء هذا أصبحت الأراضي المصادرة ضعف الأراضي الواقعة تحت سيطرة مستوطنة ‘حومش’ المخلاة والتي هي أيضا تعتبر منطقة عسكرية مغلقة لا يسمح لأصحابها بدخولها أو استخدامها.
التعقيب القانوني:
إن البيئة الفلسطينية عامةً تتعرض لانتهاكات بيئية عديدة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ضاربة بعرض الحائط كافة القوانين والأعراف الدولية والوطنية المتعلقة بحماية الحقوق البيئية، وإن الحق بالعيش في بيئة نظيفة وسليمة هو حق لصيق بالإنسان منذ الخليقة. ودائماً ما يحاول الاحتلال الظهور بمظهر الحريص على الشؤون الدولية البيئية على الرغم من توقيعها على اتفاقيات كبرى لحماية البيئة أبرزها اتفاقية بازل عام1989م واتفاقية روتردام عام2008م واتفاقية ستوكهولم2001م واتفاقية رامسار عام 1971م، وكذلك مواثيق جودة الهواء والمناخ ورغم ذلك تقوم بانتهاك جميع هذه المعاهدات دون محاسبة أو مراقبة.
بالإضافة إلى النصوص الخاصة بحق التمتع ببيئة نظيفة وسليمة لكل من يقع تحت الاحتلال العسكري بحسب القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، كالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون الأول / ديسمبر 1966 في المادة (1) البند (2): "...لجميع الشعوب، سعياً وراء أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة...".
ومما لا شك فيه أن الاعتداءات التي يقوم بها الجانب الإسرائيلي تخالف قوانين "دولة الاحتلال" قبل غيرها من القوانين، وبالرجوع إلى تفاصيل هذه الحالة نجد أن قانون العقوبات الإسرائيلي لعام 1977م وتعديلاته قد نص على أن التعدي على ممتلكات الغير لارتكاب جريمة فعل معاقب عليه بالقانون، وبقراءة المادة 452 من قانون العقوبات الإسرائيلي نجد أن القانون يخالف من يرتكب اعتداءً أو ضرراً للممتلكات سواء ( بئر ماء، بركة ماء، سد، جدار أو بوابة فيضان بركة، أو أشجار مزروعة، جسر، خزان أو صهريج ماء) يعاقب بالسجن عليه خمس سنوات.
كما أن المادة 447 من قانون العقوبات الاسرائيلي نصت على أنه:" من فعل أي من ذلك بقصد ترهيب مالك عقار أو إهانته أو مضايقته أو ارتكاب جريمة، عقوبته السجن سنتين:
(1) يدخل أو يعبر العقار؛ (2) بعد دخوله العقار بشكل قانوني، بقي هناك بشكل غير قانوني.
(ب) تُرتكب جريمة بموجب هذا القسم عندما يحمل الجاني سلاحًا ناريًا أو سلاحًا باردًا، عقوبته هي السجن أربع سنوات".
وبقراءة نص المادتين نجد بأن قانون العقوبات الإسرائيلي جرم مجرد دخول أي شخص بدون وجه حق إلى عقار ليس بعقاره بهدف الإهانة أو المضايقة أو الترهيب ويعاقب على ذلك الفعل سنتين، وتتضاعف العقوبة عندما يدخل المعتدي ويرتكب جريمة في عقار غيره باستخدام سلاح أو أداة حادة أو حتى الاعتداء الأراضي الزراعية من قطع وحرق وتخريب، وهذا ما تم تجريمه صراحةً في نص المادة 447 من قانون العقوبات الإسرائيلي آنف الذكر، كما يعاقب 5 سنوات لمن يتسبب بضرر للممتلكات المذكورة في المادة 452 وعليه فإن المعتدي " المستعمر" يجب أن تكون مخالفته مضاعفة الأولى بالدخول لعقار ليس بعقاره والثانية بالتعدي على الأشجار المزروعة وقطعها مما تسبب بضرر بيئي.
وعليه فإن المعتدي الإسرائيلي يخالف دون أي وجه حق ما جاء في القوانين والمعاهدات الدولية، وما جاء أيضاً في قوانين "دولته" الداخلية مخالفةً صريحة، وعليه لا بد على "القضاء الإسرائيلي" محاسبة ومعاقبة المستعمرين على هذه الأفعال بموجب نصوص قوانينهم وما جاء فيها. إلا أنه لا يوجد أي مسائلة قانونية للمعتدي من قبل القضاء الإسرائيلي. ولكن هذا لا ينفي حق أي إنسان على هذه الأرض أن يعيش في بيئة نظيفة وسليمة وآمنة من أي انتهاك واعتداء ضدها.
[1] المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية – مركز أبحاث الاراضي.
مشروع: حماية الحقوق البيئية الفلسطينية في مناطق "ج" SPERAC IV - FCDO
Disclaimer: The views and opinions expressed in this report are those of Land Research Center and do not necessarily reflect the views or positions of the project donor; the Norwegian Refugee Council.
إخلاء المسؤولية: الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا التقرير هي آراء ووجهات نظر مركز أبحاث الأراضي ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر أو مواقف الجهة المانحة للمشروع؛ المجلس النرويجي. للاجئين