2025-07-09
تفاصيل الانتهاك:
أقدمت مجموعة من المستعمرين، وعبر جرافة مدنية خاصة، على هدم مسكن زراعي تبلغ مساحته 100م² واقتلاع 13 شجرة زيتون مثمرة من أرض المواطن خالد علان يوسف قرعان من سكان مدينة البيرة، ويحمل الجنسية الأمريكية، جاء هذا الاعتداء بعد سيطرة المستعمرين على منطقة "الرأس" وإقامة عدة بؤر استعمارية فيها، ومنع كامل المزارعين والمستثمرين من الوصول إلى تلك المنطقة منذ ما يزيد عن عام.
وحول تفاصيل هذا الاعتداء، أفاد المزارع المتضرر لباحث المركز بالتالي:
"أنا من سكان مدينة البيرة، وأحمل بالإضافة إلى الجنسية الفلسطينية الجنسية الأمريكية، وأملك في قرية أم صفا الواقعة إلى الشمال الغربي من مدينتي رام الله والبيرة، بيتًا وأرضاً زراعية، وذلك في منطقة الرأس الواقعة إلى الشمال من قرية أم صفا، وهي منطقة تُصنف 'ج' حسب اتفاقية أوسلو، البيت الذي أملكه في أم صفا مساحته نحو مائة متر مربع، وهو مبني من الباطون، أما الأرض، فمساحتها سبعة دونمات ونصف الدونم، وهي مزروعة بالأشجار المثمرة المتنوعة، وخاصة الزيتون، كما أملك بئرًا لجمع مياه المطر يقع وسط الأرض، وتبلغ سعته مئتي كوب، وهذه الأرض اشتريتها من أصحابها الأصليين من سكان قرية أم صفا في عام 2018، وعند شرائها لم يكن هناك أي تواجد للمستعمرين في منطقة الرأس، لكن مع بداية عام 2024 بدأت محاولات المستعمرين للاستيلاء على هذا الجبل، حيث بدؤوا بوضع كرفانات وخيام استعمارية، وصل عددها إلى 3 كرفانات بالإضافة إلى 7 أو 8 خيام، مع تواجد للأغنام معهم".
وأضاف قائلًا:
"لقد انقطعت عن أرضي وأشجاري ومنزلي، خاصة أن المنطقة معزولة والمكان محفوف بخطر اعتداءات المستعمرين انطلاقًا من البؤر القائمة هناك، ولا أستطيع المقاومة بسبب وضعي الصحي، كما أن أبنائي الأربعة (ولدان وبنتان) جميعهم يقيمون في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يوجد من يساعدني على التواجد الدائم في المكان أو إصلاح ما أتلفه المستعمرون، وفي صباح يوم الأربعاء الموافق 9/7/2025، قرابة الساعة العاشرة، وصلني خبر صادم بأن 'باجر عجل' يقوم بهدم منزلي واقتلاع 13 شجرة زيتون في محيطه. هرعت من منطقة روابي إلى قرية أم صفا، لكني لم أستطع الاقتراب، وكنت أشاهد من بعيد بيتي يُهدم أمام عيني دون أن أتمكن من فعل أي شيء، شعرت حينها بالاختناق، في البداية، اعتقدت أن 'الإدارة المدنية' هي من تنفذ الهدم، خاصة أن البيت تلقى أمر وقف بناء في عام 2018 بعد بنائه بشهر، وما زالت القضية مفتوحة وأتابعها شخصيًا من خلال المحامي، فتواصلت مع الارتباط الفلسطيني، الذين بدورهم تواصلوا مع الارتباط الإسرائيلي، فأخبروهم أنه لا يوجد أي قرار رسمي بالهدم، وأن الإدارة المدنية ليست من ينفذ الهدم، حينها أدركت أن من يقوم بالهدم هم المستعمرون أنفسهم، وعند الساعة العاشرة والنصف صباحًا، كانوا قد أنهوا هدم البيت بالكامل وغادروا، في حين تركوا البركة المائية التي تبلغ سعتها 200م³ دون هدم، حيث يبدو أنهم يخططون للاستفادة منها".
يُشار إلى أن المزارع المتضرر قد تقدم بشكوى رسمية إلى شرطة الاحتلال، التي -كالعادة- تماطل في تنفيذ أي خطوة لكبح جماح المستعمرين، ما ساهم في زيادة وتيرة الاعتداءات هناك.
ويُذكر أن مجموعة من المستعمرين قد أقدموا منذ شهر آذار من عام 2024 على أعمال تجريف وإقامة بؤرة رعوية في منطقة الرأس التابعة لأراضي قرية أم صفا، ثم تبع ذلك إنشاء المزيد من البؤر، والتي ساهمت في السيطرة التامة على أراضي القرية، وفرض قيود للحد من تواجد المزارعين هناك ونهب كامل تلك التلة، ما دفع كامل المزارعين إلى ترك المنطقة بالكامل، والتي أصبحت الآن مرتعًا للمستعمرين على امتداد 1400 دونم.
قرية أم صفا:
يذكر ان قرية أم صفا تقع الى الشمال من مدينة رام الله على مسافة 12كم، يحدها من الشرق أراضي قريتي عجول وعطارة، ومن الشمال أراضي قريتي عجول ودير السودان، ومن الغرب أراضي قريتي دير نظام والنبي صالح، ومن الجنوب أراضي قرى برهام، جيبياــ وكوير. بلغ عدد سكان القرية حتى العام 2017م قرابة 670 نسمة، موزعين على عدد من العائلات وهي: طناطرة، صباح، مصلح، عرقوب، مصلح، بحر، قنة وحمد. بلغت المساحة الإجمالية للقرية 4403 دونم وبلغ مسطح البناء 93 دونم، وقد صادر الاحتلال 230 دونماً لصالح مستعمرتي “عتيرت” و”حلميش” الجاثمتين على أجزاء من أراضي القرية.
الاعتداء على الأشجار ... شكل من أشكال الانتهاكات الاسرائيلية للبيئة الفلسطينية:
تتصاعد وتيرة هجمات المستعمرين والجيش على الأشجار الفلسطينية، حيث وبحسب فريق البحث الميداني في مركز أبحاث الأراضي فإن الاحتلال استهدف خلال عام 2024 أكثر من 59,500 شجرة وشتلة هي الأعلى منذ 10 سنوات ماضية-، 90% من هذه الأشجار أعدمت بالكامل وهو ما ينذر بكارثة بيئية حقيقية خاصة أنه عند فقدان الأشجار سواء بالقطع أو الحرق أو التسميم فإنه ينتج عن ذلك نقص في عدد الأشجار مما يعني تقلص مساحة الغطاء النباتي والتي تمد المنطقة بكميات كبيرة من الأوكسجين وتخلصها من غاز الكربون، كذلك عند فقدان الأشجار تصبح الحيوانات غير قادرة على العثور على مأوى وغذاء وبالتالي تهدد بانقراض بعض الحيوانات بسبب تدمير موطنهم الطبيعي وهذا يضر بالتنوع الحيوي.
التعقيب القانوني:
إن البيئة الفلسطينية عامةً تتعرض لانتهاكات بيئية عديدة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ضاربة بعرض الحائط كافة القوانين والأعراف الدولية والوطنية المتعلقة بحماية الحقوق البيئية، وإن الحق بالعيش في بيئة نظيفة وسليمة هو حق لصيق بالإنسان منذ الخليقة. ودائماً ما يحاول الاحتلال الظهور بمظهر الحريص على الشؤون الدولية البيئية على الرغم من توقيعها على اتفاقيات كبرى لحماية البيئة أبرزها اتفاقية بازل عام1989م واتفاقية روتردام عام2008م واتفاقية ستوكهولم2001م واتفاقية رامسار عام 1971م، وكذلك مواثيق جودة الهواء والمناخ ورغم ذلك تقوم بانتهاك جميع هذه المعاهدات دون محاسبة أو مراقبة.
بالإضافة إلى النصوص الخاصة بحق التمتع ببيئة نظيفة وسليمة لكل من يقع تحت الاحتلال العسكري بحسب القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، كالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون الأول / ديسمبر 1966 في المادة (1) البند (2): "...لجميع الشعوب، سعياً وراء أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة...".
ومما لا شك فيه أن الاعتداءات التي يقوم بها الجانب الإسرائيلي تخالف قوانين "دولة الاحتلال" قبل غيرها من القوانين، وبالرجوع إلى تفاصيل هذه الحالة نجد أن قانون العقوبات الإسرائيلي لعام 1977م وتعديلاته قد نص على أن التعدي على ممتلكات الغير لارتكاب جريمة فعل معاقب عليه بالقانون، وبقراءة المادة 452 من قانون العقوبات الإسرائيلي نجد أن القانون يخالف من يرتكب اعتداءً أو ضرراً للممتلكات سواء ( بئر ماء، بركة ماء، سد، جدار أو بوابة فيضان بركة، أو أشجار مزروعة، جسر، خزان أو صهريج ماء) يعاقب بالسجن عليه خمس سنوات.
كما أن المادة 447 من قانون العقوبات الاسرائيلي نصت على أنه:" من فعل أي من ذلك بقصد ترهيب مالك عقار أو إهانته أو مضايقته أو ارتكاب جريمة، عقوبته السجن سنتين:
(1) يدخل أو يعبر العقار؛ (2) بعد دخوله العقار بشكل قانوني، بقي هناك بشكل غير قانوني.
(ب) تُرتكب جريمة بموجب هذا القسم عندما يحمل الجاني سلاحًا ناريًا أو سلاحًا باردًا، عقوبته هي السجن أربع سنوات".
وبقراءة نص المادتين نجد بأن قانون العقوبات الإسرائيلي جرم مجرد دخول أي شخص بدون وجه حق إلى عقار ليس بعقاره بهدف الإهانة أو المضايقة أو الترهيب ويعاقب على ذلك الفعل سنتين، وتتضاعف العقوبة عندما يدخل المعتدي ويرتكب جريمة في عقار غيره باستخدام سلاح أو أداة حادة أو حتى الاعتداء على الأراضي الزراعية من قطع وحرق وتخريب، وهذا ما تم تجريمه صراحةً في نص المادة 447 من قانون العقوبات الإسرائيلي آنف الذكر، كما يعاقب 5 سنوات لمن يتسبب بضرر للممتلكات المذكورة في المادة 452 وعليه فإن المعتدي " المستعمر" يجب أن تكون مخالفته مضاعفة الأولى بالدخول لعقار ليس بعقاره والثانية بالتعدي على الأشجار المزروعة وقطعها مما تسبب بضرر بيئي.
وعليه فإن المعتدي الإسرائيلي يخالف دون أي وجه حق ما جاء في القوانين والمعاهدات الدولية، وما جاء أيضاً في قوانين "دولته" الداخلية مخالفةً صريحة، وعليه لا بد على "القضاء الإسرائيلي" محاسبة ومعاقبة المستعمرين على هذه الأفعال بموجب نصوص قوانينهم وما جاء فيها. إلا أنه لا يوجد أي مسائلة قانونية للمعتدي من قبل القضاء الإسرائيلي. ولكن هذا لا ينفي حق أي إنسان على هذه الأرض أن يعيش في بيئة نظيفة وسليمة وآمنة من أي انتهاك واعتداء ضدها.