تفاصيل الانتهاك:
تعتبر منطقة "خربة السروج"، التي تُعد امتدادًا طبيعيًا لأراضي قرية العرقة وبلدة اليامون، والواقعة إلى الجنوب الغربي من محافظة جنين ضمن أراضي القريتين، من المناطق الزراعية التي لطالما عكست نموذجاً حياً للتنوع البيئي والزراعي، لما تتمتع به من خصوبة في الأرض وتنوع في الأشجار، وهي في الوقت ذاته تجسد جمال الأرض وروح الفلاح الفلسطيني المحب لأرضه والمتمسك بها.
وتشير السجلات الزراعية في محافظة جنين إلى أن منطقة "خربة السروج" ذُكرت مرات عديدة، ووُثقت كأحد أبرز المعالم الزراعية في المحافظة، وقد عُرفت سابقا بزراعة القمح والبقوليات، قبل أن يتجه أهلها إلى زراعة الزيتون واللوزيات، لتصبح رافدا زراعيا مهما في المنطقة بأكملها.
غير أن المنطقة لم تسلم من وطأة اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي، إذ شهدت أعمال تدمير منظمة هدفها تفريغ الأرض وفتح الطريق أمام مشاريع التهويد وسرقة الأراضي.
وبحسب المستجدات الأخيرة، فقد أقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي، بالتنسيق مع ما تسمى "الإدارة المدنية"، عند الساعة السابعة صباح يوم الأربعاء الموافق العاشر من أيلول/سبتمبر 2025، على اقتحام المنطقة وفرض حصار مشدد عليها، وعبر تسع جرافات مدنية إسرائيلية تعمل لصالحه، شرع الاحتلال في تنفيذ عمليات هدم وتدمير شملت أربعة خزانات مياه، وسناسل حجرية، وبركسا زراعيا، إضافة إلى اقتلاع وتخريب 1400 شجرة زيتون ولوزيات بشكل كامل على مساحة 162 دونما.
وتعمدت جرافات الاحتلال اقتلاع الأشجار من جذورها لضمان تدميرها كلياً وإلحاق الضرر بها بحيث لا يتمكن المزارعون من الاستفادة منها مجدداً، ويأتي هذا الاعتداء بالتزامن مع اقتراب موسم قطف الزيتون للعام الحالي، في محاولة واضحة لمنع المزارعين من الاستفادة من محصولهم وإلحاق مزيد من الأذى والخسائر بهم.
ويأتي هذا الاعتداء الأخير ترجمة لعدد من الإخطارات العسكرية والتي جرى تسليمها في الثالث من شهر آذار الماضي، حيث أن طاقم مركز أبحاث الأراضي قد وثق هذا الاعتداء في حينه، والصادر عن ما يسمى بحارس الأملاك الحكومية التابع للإدارة المدنية الإسرائيلية،
وتذرعت سلطات الاحتلال في إخطارها لأراضي المواطنين بأن هذه الأراضي مصنفة " أراضي دولة"، وطالبت بإخلاءها وإعادتها الى سابق وضعها خلال مدة ( 45 يوماً)، وهددت في حال لم يلتزم المالكون بتنفيذ الإخلاء بأن تأخذ على عاتقها تنفيذ الأمر وتكبيدهم التكاليف.
الجدول التالي يوضح تفاصيل الاضرار بحسب المتابعة الميدانية في موقع الانتهاك:
الموقع | اسم المواطن المتضرر | الحوض | القطعة | المساحة/ دونم | عدد الأشجار | وصف الضرر في الاراضي المتضررة |
العرقة
| جميل محمد صالح يحيى | 28 | 31 | 27 | 450 | هدم بئر لجمع المياه سعة 60م3 واقتلاع 450 شجرة زيتون |
أسامة محمد صالح يحيى | 28 | 31 | 26 | |||
جبري شريف علي صالح يحيى | 30 | 8 | 47 | 350 | هدم بئر جمع 60م3 واقتلاع 350 شجرة زيتون | |
اليامون | خليل صالح أحمد أبو الهيجا وإخوانه (مجدي، مهدي، عادل، عماد) | 30 | 8 | 57 | 500 | هدم بئر المياه سعة 60م3 اقتلاع 400 شجرة زيتون اقتلاع 100 لوزيات تم اقتلاعها هدم بركس زراعي من الزينكو بمساحة 110م2 هدم 100متر من السناسل الحجرية |
ابراهيم محمود خمايسة | 30 | 8 | 5 | 100 | اقتلاع 100 شجرة زيتون وبئر لجمع المياه سعة 60م3 | |
المجموع | 162 | 1400 |
| |||
المزارع المتضرر أسامة محمد صالح يحيى ( 50 عاماً) من قرية العرقة، أفاد لباحث المركز بالتالي:
"معظم الأراضي التي تم استهدافها تعود إلى خزينة المملكة الأردنية الهاشمية، حيث كانت هناك عقود ضمان ومزارعة قديمة مع الحكومة الأردنية قبل العام 1967، كان والدي رحمه الله يزرع الأرض سنويا ويعتني بها، وكانت تزرع في غالبيتها بالمحاصيل الحقلية والقمح، وكان حريصاً على دفع الأجرة بشكل سنوي، لكن بسبب ضغوط الاحتلال لم يتمكن من الاستمرار في دفعها منذ سنوات، ونحن الورثة الحاليون قمنا بزراعة الأرض بالزيتون المثمر منذ العام 1982، وأضفنا زراعة اللوزيات، كما قمنا بحفر بئر لجمع المياه، هذه الأرض بالنسبة لنا كانت بمثابة الروح، حيث كنا نتفقد الأشجار يومياً ونحرص على الاعتناء بها. وكانت أشجار الزيتون تنتج ما لا يقل عن 50–60 تنكة زيت في كل موسم، لكن بعد صدور إخطار الإزالة، أعددنا ملفاً قانونياً وقدمناه، إلا أنه رُفض، ليأتي الاحتلال بعد ذلك ويقتلع كامل الأشجار. لقد كانت صدمة قوية لنا، لأننا اعتدنا على التواجد هناك يوميا، وبدون الأشجار نعتبر أننا فقدنا أحد أبنائنا".
من جهته افاد رئيس اللجنة الزراعية في بلدة اليامون المزارع نايف خمايسة ( 65 عاما) لباحث المركز:
" إن ما جرى على أرض اليامون هو تنفيذ لمخطط الاحتلال في تفريغ كامل المنطقة، حيث أن المنطقة المستهدفة تقع فعلياً على مسافة 300مترا فقط عن جدار الضم والفصل العنصري وأيضاً هناك نشاط للمستعمرين في تلك المنطقة، حيث أن رؤية " بن غفير و سموتريش" تنصب في الاستيلاء على اراضي الخزينه الاردنية و اراضي الدولة و زرعها بالمستعمرات الاسرائيلية، وبالتالي فإن الهدف هو افراغ المنطقة والسيطرة التامة على الأراضي ولا أستبعد تسريبها للمستعمرين لاقامة بؤر استعمارية عليها حيث بدأ ذلك فعلياً في مواقع مختلفة من المحافظة".
وتتذرع سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تجريف أراضي المواطنين وتخريب مزروعاتهم بأنهم " يحوزون أراضي مصنفة أراضي دولة"، وحسب تفسيرات هذا الادعاء فإن الاحتلال قد نزع ملكية الأراضي التي تم تجريفها في زمن سابق، وأحالت ملكيتها وحق التصرف فيها إلى ما يسمى بالمسؤول عن الأملاك الحكومية والمتروكة، وذلك وفقاً لقوانين متوارثة في الأراضي الفلسطينية، ووفقاً لأوامر عسكرية أصدرها الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة.
وفقا لهذه التفسيرات؛ تحظر سلطات الاحتلال على مالكي الأراضي التي تصنف " أراضي دولة" العمل فيها أو استصلاحها أو فلاحتها..الخ، وتعتبر ذلك خرقاً و" غزواً" لأراضي مصنفة أراضي دولة، فتصدر الإخطارات بإخلاء هذه الأراضي وتطالب المواطنين بهدم ما تم بناؤه وزراعته فيها وإعادتها الى سابق عهدها خلال مدة حوالي الشهر الى الشهر ونصف تقريباً، وفي حال لم يقم المواطنون بهدم ما بنوه وزرعوه في أراضيهم، فإن سلطات الاحتلال تقوم بتنفيذ الإخطارات وبالتالي تجريف الأراضي وهدم المنشآت فيها، للحد من الانتشار الزراعي والسكاني على هذه الأراضي، لتظل مخزوناً احتياطياً لمشاريعها الاستعماري تتوسع عليها متى تشاء.
تجريف الأراضي والاعتداء على الأشجار ... شكل من أشكال الانتهاكات الاسرائيلية للبيئة الفلسطينية:
تتصاعد وتيرة هجمات المستعمرين والجيش على الأشجار الفلسطينية، حيث وبحسب فريق البحث الميداني في مركز أبحاث الأراضي فإن الاحتلال استهدف خلال عام 2024 أكثر من 59,740 منها منها 34,200 غرسة - هي الأعلى منذ 10 سنوات ماضية-، 89% من هذه الأشجار أعدمت بالكامل كما تم تجريف أكثر من 1000 دونم وهو ما ينذر بكارثة بيئية حقيقية خاصة أنه عند فقدان الأشجار سواء بالقطع أو الحرق أو التسميم فإنه ينتج عن ذلك نقص في عدد الأشجار مما يعني تقلص مساحة الغطاء النباتي والتي تمد المنطقة بكميات كبيرة من الأوكسجين وتخلصها من غاز الكربون، كذلك عند فقدان الأشجار تصبح الحيوانات غير قادرة على العثور على مأوى وغذاء وبالتالي تهدد بانقراض بعض الحيوانات بسبب تدمير موطنهم الطبيعي وهذا يضر بالتنوع الحيوي.
مشروع: حماية الحقوق البيئية الفلسطينية في مناطق "ج" SPERAC IV - GFFO
Disclaimer: The views and opinions expressed in this report are those of Land Research Center and do not necessarily reflect the views or positions of the project donor; the Norwegian Refugee Council.
إخلاء المسؤولية: الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا التقرير هي آراء ووجهات نظر مركز أبحاث الأراضي ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر أو مواقف الجهة المانحة للمشروع؛ المجلس النرويجي. للاجئين
آثار تجريف الأراضي وتخريب الممتلكات في العرقة واليامون