تفاصيل الإنتهاك:
مع بداية موسم الزيتون الحالي 2025م، ينشط المستعمرون في أعمال التخريب وتحطيم الممتلكات الزراعية وإعاثة الفوضى والخراب في الريف الفلسطيني، وذلك بهدف التضييق على المزارعين وثنيهم عن الاستمرار في جني ثمار الزيتون.
وبحسب المستجدات الأخيرة، وخاصة في مناطق الريف الشمالي من محافظة رام الله، فقد أقدمت مجموعة من المستعمرين في صباح يوم الأحد الموافق 12/10/2025م، انطلاقاً من البؤر الرعوية الاستعمارية القائمة في منطقة "المغربات" على أراضي بلدة سنجل، وتحديداً في الجهة الشمالية من البلدة، على إطلاق قطعان الأبقار التي يزيد عددها عن 30 رأساً نحو حقول الزيتون في منطقة "شعب النمر" ضمن الحوض الطبيعي رقم (2)، مما أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بأفرع الأشجار، وإتلاف قسم كبير من حب الزيتون بفعل الرعي الجائر الذي تقوم به قطعان الأبقار التابعة للمستعمرين، وقد تم استهداف أرض زراعية تبلغ مساحتها 16 دونماً، تعود ملكيتها للمزارع حسام أحمد ذيب عايدة من سكان بلدة سنجل، وهو معيل لأسرة مكونة من (6) أفراد من بينهم (3) إناث، وطفل واحد ضمن العائلة.
يُذكر أن هذا الانتهاك بات يتكرر بشكل كبير في المنطقة ذاتها، وقد تم توثيق عدد من تلك الانتهاكات التي تسبب بها المستعمرون، ولكن على أرض الواقع يُعتبر هذا الاعتداء الأشد كونه يأتي بالتزامن مع حلول موسم جني ثمار الزيتون، حيث إن هذا الموسم ينتظره المزارعون بفارغ الصبر.
وأفاد المزارع المتضرر حسام أحمد عايدة بالقول:
"أمتلك 16 دونماً في منطقة شعب النمر، وهذه المنطقة تقع على مسافة 2 كم عن بيوت البلدة شمال البلدة، حيث توجد أيضاً على مسافة 300 متر من أرضي بؤرتان رعويتان تم إقامتهما قبل نحو عامين، ومنذ ذلك الوقت لم أعد قادراً على الذهاب إلى أرضي خوفاً من اعتداء المستعمرين عليّ، وأنا أعلم أن المستعمرين سبق وأن اعتدوا على قطع أراضٍ مجاورة وتسببوا في قص عدد من الأشجار وإتلاف محاصيل حقلية هناك، عدا عن الاعتداءات الجسدية التي طالت عدداً من المزارعين، وكان جيش الاحتلال في كل مرة يغلق الموقع ويمنع أي مزارع من التواجد هناك عبر الإعلان عنها مناطق مغلقة عسكرياً، ولهذا السبب أصبح التواصل مع أرضي صعباً للغاية، أنا فعلياً أنتظر موسم الزيتون لأجد المبرر وأحصل على التنسيق للوصول إلى أرضي وجني ثمار الزيتون منها".
وأضاف قائلاً:
"قبل أيام قليلة من موعد التنسيق للدخول إلى الأرض وجني ثمار الزيتون، قام المستعمرون بإطلاق أكثر من 30 رأساً من الأبقار نحو حقول الزيتون التي أملكها، مما تسبب في إتلاف حب الزيتون وكسر عدد من فروع الأشجار، علمت بذلك من المزارعين، وتوجهت إلى منطقة قريبة من أرضي لأراقب ما يجري، علماً بأن الاحتلال لا يسمح لي بالدخول إلى أرضي، فأراقبها من بعيد، أنظر بحسرة كبيرة وألم شديد وغصة في قلبي وأنا أشاهد الأبقار ترعى الأشجار ولا أستطيع أن أفعل شيئاً لحماية أرضي من هذه الاعتداءات، حيث إن الاحتلال لا يسمح لي بالاقتراب، كانت هذه الأرض سابقاً تنتج ما لا يقل عن 12 تنكة زيت زيتون، وأعمار الأشجار تزيد عن 70 عاماً."
الصورة أعلاه أبقار المستعمرين ترعى أشجار الزيتون في بلدة سنجل
يشار إلى أن بلدة سنجل تعاني من وجود أربع بؤر استيطانية على أراضيها، تساهم في إغلاق ما لا يقل عن 50% من أراضيها المزروعة بالزيتون، وقد انعكس ذلك بشكل سلبي على عجلة التنمية الزراعية في البلدة، التي بات الاستيطان يزحف بشكل مستمر نحو أراضيها وينذر بكارثة كبيرة على المزارعين.
بلدة سنجل:
تقع بلدة سنجل على بعد 20كم من الجهة الشمالية من مدينة رام الله، ويحدها من الشمال قرية اللبن الشرقية، ومن الغرب قريتي عبوين وجلجيليا، ومن الشرق قريتي قريوت وترمسعيا، ومن الجنوب قرية المزرعة الشرقية. يبلغ عدد سكانها 5236 نسمة حتى عام 2007م. وتبلغ مساحة القرية الإجمالية 14,028 دونماً منها 888 دونم عبارة عن مسطح بناء للقرية. ونهبت المستعمرات الإسرائيلية من أراضي البلده 551 دونماً، حيث تقع تلك المستعمرات على جزء من أراضي البلده. والمستعمرات هي: ” معاليه لفونة” والتي تأسست عام 1983م وصادرت من أراضي القرية 298 دونماً ويقطنها 497 مستعمراً، والثانية ” مستعمرة عيلي – إيلي” والتي تأسست عام 1984م ومقام جزء منها على أراضي القرية ونهبت منها 253 دونماً ويقطنها 2058 مستعمراً، كما نهب الطريق الالتفافي رقم 60 أكثر من (246) دونماً .هذا وتصنف أراضي القرية حسب اتفاق أوسلو إلى مناطق (A وB و C) حيث تشكل مناطق A ما نسبته (14%) ومناطق B تشكل (30%) بينما المناطق المصنفة C تشكل المساحة الأكبر وهي خاضعة للسيطرة الكاملة للاحتلال الإسرائيلية تشكل نسبة (56%) ونوضح هنا المساحات بالدونم:
الرعي الجائر في الأراضي الزراعية الفلسطينية إحدى الانتهاكات البيئية الاسرائيلية الاحتلالية:
إن ممارسة الرعي الجائـر في الأراضي المزروعة قد يؤدي الى تعرية التربة وتآكلها، كذلك يؤدي الى التقليل من التنوع الحيوي، وينتج عنه ّأيضاً تقليل الانتاجية والتنوع البيولوجي والذي يعد أحد أسباب التصحر.
يؤدي الدوس المستمر للعديد من الحيوانات على النباتات في المساحة الخضراء الى تسريع موت النبانات والغطاء النباتي، حيث أن الحيوانات تدوس أثناء الرعي على براعم النمو الجديدة في النباتات وهذا يؤدي الى تآكل التربة، الأمر الذي يتسبب بتدهور للاراضي الزراعية، وفي المناطق مثل قرية بردلة تكون نسبة الضرر كبيرة جداً مما يؤدي الى استمرار حدوث عملية التصحر أيضاً في المناطق الزراعية، وبالتالي احداث أضرار بالبيئة[1].
وبلا أدنى شك فإن الرعي الجائر من قبل المستعمرين الإسرائيليين يجعل التربة متصحرة وغير قابلة للحياة من أجل تيئيس أصحاب الأرض الفلسطينيين من إمكانيات الاستفادة منها مما سيدفعهم لتركها والهجرة عنها، لذا فهم يطلقون أغنامهم ومواشيهم في الأراضي الفلسطينية المزروعة بالحبوب أو الخضار أو المخصصة لرعي الاغنام ويمنعونها عن أصحابها، ويكررون الرعي الجائر حتى تصبح التربة خالية من أي أصول أو بذور مما يهدد بانقراض التنوع الحيوي النباتي وبالتالي يهدد التنوع الحيواني وهذا يؤدي بالضرورة الى تهديد التنوع الحشري ويهدد الحياة البرية والنباتية في الأرض. إن رعاة الأغنام من المستوطنين المستعمرين يطلقون مواشيهم في الأرض فقط لكنهم لا يحرثونها للأمطار ولا يزرعونها ولا يعتنون بها زراعياً بل يتركونها بوراً وهذا ما يضاعف من القضاء على تنوعها الحيوي وذلك ببساطة لأنها ليست لهم فهم مارقون سارقون وليسوا مالكون، بينما الفلسطيني تراه يشبه الأرض لأنه لا يفارقها يعانقها وباستمرار يحاورها، فأصحاب الأرض الحقيقيون يحرصون على الرعي الجزئي في مواسم مخصصة تحفظ الأنواع ولا تهدد الحياة البرية، بل يحرصون على الأحياء الدقيقة وعلى النباتات الطبية وذات الندرة، يحرصون على تواصلهم في الأرض لأنهم يرتبطون بها ارتباطاً تاريخياً حتى أصبحت جزءً من الثقافة الشعبية الفلسطينية، إن صاحب الأرض الحقيقي يحرص على إنمائها لا إلى تدهورها لذا بقيت الأراضي الزراعية في فلسطين في حالة تطور واستمرارية منذ آلاف السنين ولكن الاحتلال جعل مواقع عديدة منها متصحرة وبهدف سياسي استعماري تهجيري من أجل أن تصبح هذه المراعي لقمة صائغة للاحتلال ومستعمريه[1].
[1] المصدر: نشرة خاصة أصدرها مركز أبحاث الاراضي – كانون أول 2024 بعنوان (البؤر الاستيطانية الرعوية نقطة انطلاق لنهب المزيد من الأراضي الفلسطينية).
مشروع: حماية الحقوق البيئية الفلسطينية في مناطق "ج" SPERAC IV - GFFO
Disclaimer: The views and opinions expressed in this report are those of Land Research Center and do not necessarily reflect the views or positions of the project donor; the Norwegian Refugee Council.
إخلاء المسؤولية: الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا التقرير هي آراء ووجهات نظر مركز أبحاث الأراضي ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر أو مواقف الجهة المانحة للمشروع؛ المجلس النرويجي. للاجئين