تفاصيل الانتهاك:
شهدت منطقة "واد سلامة" الواقعة غربي قرية رامين في محافظة طولكرم اعتداءً جديداً من قبل مجموعات من المستعمرين، وتحديداً من تلك البؤرة الاستعمارية المقامة بجانب مستعمرة "أفني حيفتس" الجاثمة على أجزاء من أراضي قرية رامين.
يشار إلى أن مجموعة من المستعمرين، عبر طريق زراعية استيطانية قاموا بشقّها وتنفيذها قبل نحو عامين، تسللوا صباح يوم الجمعة الموافق 17/10/2025 نحو قطعة أرض زراعية مزروعة بأشجار الزيتون والتين، تعود ملكيتها إلى المزارع مالك نضال صبحي سلمان من سكان قرية رامين، الذي يعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد، من بينهم اثنتان من الإناث وثلاثة أطفال.
وبحسب المتابعة الميدانية، أقدم المستعمرون على إضرام النيران في حقل التين البالغ مساحته أربعة دونمات، ما أدى فعلياً إلى احتراق 40 شجرة تين بعمر تسعة أعوام وتضررها بشكل كلي، كما قام المستعمرون بسرقة ثمار الزيتون من الأرض نفسها، حيث يمتلك المزارع أيضاً خمسة دونمات مزروعة بالزيتون ملاصقة للقطعة المشجرة بالتين.
المزارع المتضرر مالك نضال صبحي أفاد قائلاً:
"أمتلك تسعة دونمات زراعية، منها خمسة دونمات مزروعة بالزيتون بعمر 25 عاماً، وأربعة دونمات مزروعة بالتين بعمر تسعة أعوام، وتقع الأرض تحديداً غربي قرية رامين في منطقة واد سلامة بمحاذاة الطريق الالتفافي المعروف بطريق طولكرم – نابلس. هذه الأرض ورثتها أباً عن جد، وكانت أشجار التين — وعددها 100 شجرة — مصدر دخلي الأساسي الذي أعيش منه، إذ كنت أبيع في موسم التين بما قيمته نحو 90 ألف شيكل سنوياً."
وأضاف قائلاً:
"بدأت المشكلة في مطلع العام الحالي، حين قام المستعمرون بتأهيل طريق زراعية استيطانية تمتد من البؤرة الاستعمارية المجاورة لمستعمرة (أفني حيفتس)، مروراً بجانب برج لجيش الاحتلال وحتى أطراف أراضيّ الزراعية. منذ ذلك الحين لم نعرف يوماً هادئاً بسبب الاستفزازات اليومية التي يقوم بها المستعمرون.
في صباح يوم الجمعة، تحديداً الساعة الحادية عشرة، تسلل ثلاثة مستعمرين إلى أرضي المزروعة بالتين، وأقدموا عمداً على إشعال النار في الأعشاب اليابسة المحيطة بالأشجار، ما أدى إلى امتداد النيران بسرعة نحو الأشجار نفسها، وأحرقت 40 شجرة تين بشكل كامل قبل وصول طواقم الدفاع المدني الفلسطيني من بلدة عنبتا المجاورة، التي عملت على إخماد الحريق.
وقبل ذلك بيوم واحد فقط، قام المستعمرون بسرقة ثمار الزيتون من أشجاري الملاصقة لتلك القطعة المزروعة بالتين."
واستطرد قائلاً:
"هذا الاعتداء ليس الأول، ففي 29/5/2025 أقدم المستعمرون أنفسهم، من البؤرة ذاتها، على قطع وتخريب 40 شجرة تين، ما ألحق أضراراً جسيمة بها، حاولت مراراً التواجد في أرضي، لكن في كل مرة يطاردني جيش الاحتلال وأمن المستعمرة ويطردونني بالقوة، كما أعلنوا المنطقة مغلقة عسكرياً.
وقد تم تهديدي بشكل مباشر بإطلاق النار إن عدت إلى أرضي مرة أخرى، ورغم ذلك ما زلت مُصرّاً على البقاء في أرضي والثبات فيها رغم كل مضايقات الاحتلال."
هذا، وقد رصد الباحث الميداني قبل فترة وجيزة قيام مجموعة من المستعمرين في 29/05/2025 قيام المستعمرين بتقطيع 40 شجرة تين من أرض المزارع نفسه للاطلاع اضغط هنا ، وأيضاً في 30/4/2025، والذين يتمركزون في البؤرة الجاثمة على أراضي سهل قرية رامين ضمن الحوض الطبيعي رقم (9)، بمهاجمة قطعة أرض زراعية مزروعة بغراس التين تبلغ مساحتها 3700 متر مربع في منطقة تُعرف باسم "الغابات"، على بعد نحو 300 متر شرق البؤرة الاستعمارية للاطلاع اضغط هنا.
حينها، أقدم المستعمرون على قطع وتخريب 50 غرسة تين وتلفها كلياً، وتعود ملكية تلك القطعة إلى المزارع أحمد فؤاد أحمد سلمان، المعيل لأسرة مكونة من أربعة أفراد، من بينهم اثنتان من الإناث وطفلان.
قرية رامين:
تقع قرية رامين على بعد 11.5 كيلومتر إلى الجنوب الشرق من مدينة طولكرم. وتقع على أراضيها من الجهة الغربية مستعمرة “عناب” التي تم بنائها على حساب أراضي القرية في العام 1981, حيث تصادر ما يقارب 700 دونم من أراضي القرية، والى الشرق قريتي برقة والمسعودية, من الجنوب الشارع الالتفافي رقم 557 وقريتي بيت ليد وصفارين ومن الشمال قريتي عنبتا وكفر اللبد.
تبلغ مساحة قرية رامين 8934 دونم يسكنها ما يقارب 1998 نسمة بحسب الجهاز المركز للإحصاء الفلسطيني عام 2017.
حرق الأراضي الزراعية انتهاكاً صارخاً بحق البيئة الفلسطينية:
وتعتبر الزراعة مقوّم أساسي لدى الأسر الفلسطينية فهي توفر الأمن الغذائي وتلبي حاجات تلك الأسر، ويعتمد عليها المزارعون الفلسطينيون كمصدر دخل لديهم، إلا أنها أصبحت في الآونة الأخيرة تحدياً صعباً ومحفوفاً بالمخاطر ويتكبد من يزرع أرضه خسائر كبيرة بفعل تصاعد أعمال عربدة المستعمرين وبحماية بل ومشاركة قوات الاحتلال الاسرائيلي، فهدفهم الأساسي هو الأرض وما عليها، فيعيثون فيها خراباً من تجريف وتخريب وتسميم وإغراق بالمياه العادمة وصولاً الى حرق الأشجار والمزروعات ملوثين بذلك الهواء والتربة دون أي رادع!.
فعدا عن عمليات المصادرة المتواصلة للأراضي، وحرمان المزارعين من الوصول اليها، وإغلاق العديد من الطرق الزراعية، فكثف المستعمرين وجيش الاحتلال في الفترة الأخيرة من أعمال حرق المزروعات والأشجار، وعليه فإن المستعمرين يرتكبون ضرراً كبيراً في البيئة الفلسطينية بالأرض ومحيطها بما يوجد فيها مواد بلاستيكية ومبيدات كيماوية تؤدي الى انبعاث الملوثات المختلفة في الهواء مما يسبب ازعاجاً ويلحق ضرراً في البشر والحيوانات والمحاصيل الزراعية أيضاً، وكذلك أثناء اشتعال النيران تتطاير جزيئات من الرماد وتلوث الجو.
رغم أن الجهة المختصة في حماية البيئة الاسرائيلية هي - وزارة حماية البيئة الاسرائيلية التي تقوم بتنسيق العمل في القضايا المتعلقة بالبيئة والحد من التلوث ... الخ، تصرح على موقعها الالكتروني لوزارة حماية البيئة الاسرائيلية، بهذه العبارة ( إن تلوث الهواء لا يبقى في مكان محدد ولا يعرف الحدود بل ينتشر حسب ظروف المناخ مع الرياح ودرجة الحرارة والرطوبة) إلا أن أكثر مسبب في تلوث الهواء هم المستعمرون المنتشرون في المستعمرات والبؤر الاستعمارية في أراضي الضفة الغربية، حيث لا يقتصر الحرق على الأشجار والمزروعات بل المنشآت الزراعية والمنشآت الأخرى والمساكنوالمركبات الفلسطينية أيضاً هدفاً للحرق .
بموجب الأمر بالاجراءات الجنائية الإسرائيلية عام 2022- فإن "حرق النفايات في موقع غير قانوني خاضع لغرامة مالية قدرها 2000 شيقل على الفرد و12 ألف شيقل على الشركة"، حيث وبحسب ما تم التصريح به فإنه قد يسبب الأمراض المزمنة والتعرض لأمراض السرطان في حال استنشاق البشر لمواد سامة.
وإن حرق المزروعات لا يقل ضرراً عن حرق النفايات بل يتعدى ذلك كونه أراضي زراعية وملكيته خاصة تعود لفلسطينيين، وعليه يجب أن تكون المخالفة مضاعفة بالدخول لعقار ليس بعقاره والتعدي بيئياً عليه.
ومما لا شك فيه أن الاعتداءات التي يقوم بها الجانب الإسرائيلي تخالف قوانين "دولة الاحتلال" قبل غيرها من القوانين، وبالرجوع إلى تفاصيل هذه الحالة نجد أن قانون العقوبات الإسرائيلي لعام 1977م وتعديلاته قد نص على أن التعدي على ممتلكات الغير لارتكاب جريمة فعل معاقب عليه بالقانون، حيث نصت المادة 447 على أنه:" من فعل أي من ذلك بقصد ترهيب مالك عقار أو إهانته أو مضايقته أو ارتكاب جريمة، عقوبته السجن سنتين:
(1) يدخل أو يعبر العقار؛ (2) بعد دخوله العقار بشكل غير قانوني.
(ب) تُرتكب جريمة بموجب هذا القسم عندما يحمل الجاني سلاحًا ناريًا أو سلاحًا باردًا، عقوبته هي السجن أربع سنوات".
وبقراءة نص هذه المادة نجد بأن قانون العقوبات الإسرائيلي جرم مجرد دخول أي شخص بدون وجه حق إلى عقار ليس بعقاره بهدف الإهانة أو المضايقة أو الترهيب ويعاقب على ذلك الفعل سنتين، وتتضاعف العقوبة عندما يدخل المعتدي ويرتكب جريمة في عقار غيره باستخدام سلاح أو أداة حادة أو حتى الاعتداء الأراضي الزراعية من قطع وحرق وتخريب، وهذا ما تم تجريمه صراحةً في نص المادة المذكورة من قانون العقوبات الإسرائيلي آنف الذكر.
وعليه فإن المعتدي الإسرائيلي يخالف دون أي وجه حق ما جاء في القوانين والمعاهدات الدولية، وما جاء أيضاً في قوانين "دولته" الداخلية مخالفةً صريحة، وعليه لا بد على "القضاء الإسرائيلي" محاسبة ومعاقبة المستعمرين على هذه الأفعال بموجب نصوص قوانينهم وما جاء فيها. إلا أنه لا يوجد أي مسائلة قانونية للمعتدي من قبل القضاء الإسرائيلي. ولكن هذا لا ينفي حق أي إنسان على هذه الأرض أن يعيش في بيئة نظيفة وسليمة وآمنة من أي انتهاك واعتداء ضدها.
مشروع: حماية الحقوق البيئية الفلسطينية في مناطق "ج" SPERAC IV - GFFO
Disclaimer: The views and opinions expressed in this report are those of Land Research Center and do not necessarily reflect the views or positions of the project donor; the Norwegian Refugee Council.
إخلاء المسؤولية: الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا التقرير هي آراء ووجهات نظر مركز أبحاث الأراضي ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر أو مواقف الجهة المانحة للمشروع؛ المجلس النرويجي. للاجئين